(لَمْ يَأْتُوكَ) : جملة فعلية في موضع جر صفة لقوم. و (يُحَرِّفُونَ) : جملة فعلية حال من ضمير (سَمَّاعُونَ). والتقدير : يسمعون مقدّرين للتحريف. ويجوز أن تكون الجملة في موضع رفع ؛ لأنه صفة لموصوف محذوف في موضع رفع بالابتداء وتقديره : وفريق يحرفون ، وهو عطف على (سَمَّاعُونَ) وخبره : (مِنَ الَّذِينَ هادُوا). (وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ) الواو للحال من التحكيم ، والعامل ما في الاستفهام من التعجب (فِيها حُكْمُ اللهِ فِيها) : إما متعلق بخبر مقدم ، وإما ألا يكون له محل ، وتكون الجملة مبينة ؛ لأن عندهم ما يغنيهم عن التحكيم ، وإما أنه حال من التوراة.
البلاغة :
(يا أَيُّهَا الرَّسُولُ) خوطب بلفظ الرسالة للتشريف والتكريم.
(يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ) آثر (فِي) على كلمة «إلى» للإيماء إلى أنهم مستقرون في الكفر.
(سَمَّاعُونَ ..) صيغة مبالغة ، أي مبالغون مكثرون في سماع الكذب.
(خِزْيٌ) تنكيره لتفخيم الأمر. وكرر قوله : (وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ) لزيادة التقرير والتأكيد.
(فِي الدُّنْيا .. والْآخِرَةِ) بينهما طباق.
(وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ) تعجب من تحكيمهم النبي صلىاللهعليهوسلم وهم لا يؤمنون به ولا بكتابه.
(وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ) الإشارة بالبعيد لبعد درجتهم في العتو والمكابرة.
المفردات اللغوية :
(لا يَحْزُنْكَ) لا يؤلمك فعل هؤلاء (الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ) يقعون فيه بسرعة ، أي يظهرونه إذا وجدوا فرصة (مِنَ الَّذِينَ) للبيان (بِأَفْواهِهِمْ) قالوا بألسنتهم (وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ) وهم المنافقون (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ) الذي أقرته أحبارهم ، سماع قبول (لِقَوْمٍ) لأجل قوم (آخَرِينَ) من اليهود (لَمْ يَأْتُوكَ) وهم أهل خيبر (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ) الذي في التوراة كآية الرجم (مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ) التي وضعه الله عليها أي يبدلونه (إِنْ أُوتِيتُمْ هذا) الحكم المحرف أي الجلد أي أفتاكم به محمد فاقبلوه (وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ) أفتاكم بخلافه (فِتْنَتَهُ) اختباره وإضلاله.
(خِزْيٌ) ذل بالفضيحة والصغار (لِلسُّحْتِ) للكسب الحرام كالرشوة وثمن الكلب والخمر والخنزير ، وسمي المال الحرام سحتا ؛ لأنه يسحت الطاعات والبركات أي يذهبها (فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ) هذا التخيير منسوخ بقوله تعالى : (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ) [المائدة ٥ / ٤٩]