بقوله (وَرُوحٌ مِنْهُ) : أنه وجد بنفخة جبريل عليهالسلام ، ويسمى النفخ في كلام العرب روحا ؛ فإن الروح والريح متقاربان ، والنفخ ريح يخرج من الروح. والمراد من قوله (مِنْهُ) التشريف والتفضيل ، لا أنه جزء أو بعض من الله ، فكلّ الخلائق من روح الله ، كما يقال : هذه نعمة من الله ، والمراد كون تلك النعمة كاملة شريفة. ويقال : هذا روح من الله أي من خلقه.
وقد وقع النصارى في الخطأ والضلال حينما قالوا : عيسى جزء من الله ؛ لأنه روح من الله.
٤ ـ الإيمان بأن الله إله واحد خالق المسيح ومرسلة ، وبأن الرّسل ومنهم عيسى عبيد لله : هو الواجب الذي لا محيد عنه ، وهو الحق الذي تقبله العقول الرشيدة ، فلا يصح جعل عيسى إلها.
٥ ـ يحرم القول بتعدد الآلهة أو بأن الآلهة ثلاثة ، قال ابن عباس : يريد بالتثليث : الله تعالى وصاحبته وابنه. والنصارى مجمعون على التثليث ويقولون : إن الله جوهر واحد ، وله ثلاثة أقانيم ، فيجعلون كلّ أقنوم إلها ، ويعنون بالأقانيم : الوجود والحياة والعلم. والسائد أنهم يعبرون عن الأقانيم بالأب والابن وروح القدس ، فيعنون بالأب : الوجود ، وبالروح : الحياة ، وبالابن : المسيح. ومحصول كلامهم كما تقدّم يؤول إلى القول بأن عيسى إله ، بسبب ما كان يظهر على يديه من المعجزات وخوارق العادات ، وذلك خارج عن مقدور البشر ، فيكون المقتدر عليها متصفا بالألوهية.
وليس أدلّ على إسقاط صفة الألوهية عنه : أنه لو كان إلها لخلص نفسه من أعدائه ، ودفع شرّهم ، ولم يمكّنهم من صلبه ، كما يزعمون.
٦ ـ الانتهاء عن القول بالتثليث هو الخير المحض ، وهو الصواب ؛ لأن الله إله واحد ، منزّه عن أن يكون له ولد ، بل له ما في السموات وما في الأرض ، والملكية