والرضوان ، وحظي بالفضل الإلهي العظيم في الدنيا والآخرة.
ودل قوله تعالى : (وَفَضْلٍ) على أنه تعالى يتفضل على عباده بثوابه من غير مقابل ؛ إذ لو كان في مقابلة العمل لما كان فضلا.
قال الرازي : الرحمة والفضل محمولان على ما في الجنة من المنفعة والتعظيم ، وأما الهداية فالمراد منها السعادات الحاصلة بتجلي أنوار عالم القدس والكبرياء في الأرواح البشرية ، وهذا هو السعادة الروحانية. وأخر ذكرها عن القسمين الأولين تنبيها على أن البهجة الروحانية أشرف من اللذات الجسمانية (١).
والهداية في القرآن نوعان : هداية عامة وهداية خاصة.
أما الهداية العامة : فهي كما في قوله تعالى : (وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) [البلد : ٩٠ / ١٠] أي طريقي السعادة والشقاوة ، والخير والشر ، وهذه تشمل هداية الحواس الظاهرة والباطنة ، وهداية العقل ، وهداية الدين.
وأما الهداية الخاصة : فهي مثل : (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ ، فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) [الأنعام ٦ / ٩٠] ومثل (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) [الفاتحة ١ / ٦]. هذه الهداية ليست الدلالة العامة كما سبق ، وإنما هي الإعانة والتوفيق للسير في طريق الخير والنجاة مع الدلالة. ولما كان الإنسان عرضة للخطأ والضلال في فهم الدين وفي استعمال الحواس والعقل ، كان محتاجا إلى المعونة الخاصة ، فأمرنا الله بطلبها منه في قوله تعالى : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ).
__________________
(١) تفسير الرازي : ١١ / ١٢٠