ربحا من ربهم بالتجارة (وَرِضْواناً) منه بقصده ، بزعمهم الفاسد أي يقصدون التوصل إلى رضا من الله يحول بينهم وبين عقوبته في الدنيا ، وهذا منسوخ بآية براءة ، قال الشعبي : لم ينسخ من هذه السورة إلا قوله : (وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَلَا الْهَدْيَ).
(وَإِذا حَلَلْتُمْ) من الإحرام (فَاصْطادُوا) أمر إباحة لا أمر إيجاب (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ) لا يحملنكم ولا يكسبنكم (شَنَآنُ) بغض قوم ، لأجل أن صدوكم عن المسجد الحرام ، أن تعتدوا عليهم بالقتل وغيره.
(الْبِرِّ) هو كلمة جامعة للخير ، تشمل كل ما أمر به الشرع واطمأن إليه القلب (وَالتَّقْوى) هي امتثال المأمورات واجتناب المنهيات (الْإِثْمِ) المعصية والذنب ، وهو كل ما حاك في الصدر وكرهت أن يطلع عليه الناس (الْعُدْوانِ) التعدي في حدود الله (وَاتَّقُوا اللهَ) خافوا عقابه بأن تطيعوه (إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) لمن خالفه.
سبب النزول : نزول (لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ) :
أخرج ابن جرير الطبري عن عكرمة ، قال : قدم الحطم بن هند البكري المدينة في عير له يحمل طعاما فباعه ، ثم دخل على النبي صلىاللهعليهوسلم ، فبايعه وأسلم ، فلما ولى خارجا ، نظر إليه ، فقال لمن عنده : لقد دخل علي بوجه فاجر ، وولى بقفا غادر ، فلما قدم اليمامة ارتد عن الإسلام ، وخرج في عير له يحمل الطعام في ذي القعدة يريد مكة ، فلما سمع به أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم تهيأ للخروج إليه نفر من المهاجرين والأنصار ، ليقتعوه (١) في عيره ، فأنزل الله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ) الآية ، فانتهى القوم ، وأخرج عن السدي نحوه.
نزول قوله تعالى : (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ) :
أخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالحديبية وأصحابه حين صدهم المشركون عن البيت ، وقد اشتد ذلك عليهم ، فمر بهم أناس من المشركين من أهل المشرق يريدون العمرة ، فقال أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم : نصد هؤلاء ، كما صدوا أصحابنا ، فأنزل الله : (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ) الآية.
__________________
(١) ليقتعوه : أي ليقمعوه ويذلوه.