فإن بعث بالهدي ولم يسق بنفسه ، لم يكن محرما ، وهو مذهب الجمهور ؛ لحديث البخاري عن عائشة قالت : «أنا فتلت قلائد هدي رسول الله صلىاللهعليهوسلم بيديّ : ثم قلدها بيديه ، ثم بعث بها مع أبي ، فلم يحرم على رسول الله صلىاللهعليهوسلم شيء أحلّه الله له حتى نحر الهدي».
وقال الحنفية : من أهدى هديا حرم عليه ما يحرم على الحاج حتى ينحر الهدي ، وهو ـ فيما رواه البخاري ـ رأي ابن عباس.
ولا يجوز بيع الهدي ولا هبته إذا قلّد أو أشعر ؛ لأنه قد وجب. وإن مات موجبه لم يورث عنه ويذبح في الحرم ، بخلاف الأضحية فإنها لا تجب إلا بالذبح خاصة عند مالك إلا أن يوجبها بالقول ؛ فإن أوجبها بالقول قبل الذبح ، فقال :«جعلت هذه الشاة أضحية» تعينت. وعليه إن تلفت ثم وجدها أن يذبحها. وقال الشافعي : لا بدل عليه إذا ضلّت أو سرقت ، إنما الإبدال في الواجب.
ولا تحلوا قوما قاصدين إلى البيت الحرام ، أي لا تمنعوا الكفار القاصدين البيت الحرام على جهة التعبد والقربة. وهذا كله منسوخ بآية السيف : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) [التوبة ٩ / ٥] وقوله تعالى : (فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا) [التوبة ٩ / ٢٨] فلا يمكّن المشرك من الحج ، ولا يؤمّن في الأشهر الحرم ، وإن أهدى وقلّد وحج.
ودل قوله تعالى : (يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْواناً) على جواز ابتغاء الفضل أي الأرباح في التجارة.
ودل قوله عزوجل : (وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا) على إباحة صيد غير الحرم بعد الانتهاء من أعمال الحج ، فهو أمر إباحة بإجماع الناس ، لرفع ما كان محظورا بالإحرام. وقال المالكية : الأمر على أصله من الوجوب ، وإنما فهمت الإباحة