أكل ، والحياة تعرف بأن يطرف بعينه أو يحرك ذنبه. قال علي كرم الله وجهه : إذا أدركت ذكاة الموقوذة والمتردية والنطيحة ، وهي تحرك يدا أو رجلا ، فكلها. والصحيح من قول مالك وهو المذكور في الموطأ أنه إن كان ذبح البهيمة ونفسها يجري وهي تضطرب فليأكل.
أما الميتة والدم ولحم الخنزير فلا تحل أصلا ، ولو بذكاة.
والخلاصة : إن غلب على الظن أن الحيوان يعيش مع ما أصابه ، كانت الذكاة محللة له ، أما إن غلب على الظن أنه يهلك بما حصل ، فاختلفوا : فقال الحنفية ، والشافعية في مشهور المذهب : تعمل فيه الذكاة ، ما دام فيه أمارة على الحياة ، من تحريك عين أو ذنب أو رجل. وقال قوم منهم مالك في وجه عنه : لا تعمل فيه الذكاة.
ومنشأ الاختلاف : هل الاستثناء متصل أو منقطع؟ فمن رأى وهم الجمهور أنه متصل أخرج من الجنس بعض ما تناوله اللفظ ، فما قبل الاستثناء حرام ، وما بعده خرج منه ، فيكون حلالا. ويؤيد كون الاستثناء متصلا إجماع العلماء على أن الذكاة تحلل ما يغلب على الظن أنه يعيش ، ولا يجعل الاستثناء منقطعا إلا بدليل يجب التسليم له.
ومن رأى أن الاستثناء منقطع ، رأى أنه لا تأثير للاستثناء في الجملة المتقدمة ، وكأنه قال : ما ذكيتموه من غير الحيوانات المتقدمة فهو حلال ؛ لأن التحريم إنما يتعلق بهذه الحيوانات بعد الموت ، وهي بعد الموت لا تذكى ، فيكون الاستثناء منقطعا. وأجيب عن ذلك بأن الاستثناء متصل باعتبار ظاهر الحلال ، فإن ظاهر هذه الحيوانات أنها تموت بما أصيبت به ، فتكون حراما بحسب الظاهر ، إلا ما أدرك حيا وذكي ، فإنه يكون حلالا.