فيكفر ؛ لأنه يصير رادّا على الرّسول عليه الصّلاة والسّلام ما جاء به وأخبر عنه (١).
واختلف العلماء فيمن ترك الصّلاة كسلا من غير جحد لها ولا استحلال ؛ فقال مالك والشّافعي : من آمن بالله ، وصدّق المرسلين ، وأبى أن يصلّي قتل.
وقال أبو حنيفة : يسجن ويضرب ، ولا يقتل ؛ لأنه إذا زال حكم القتل بزوال سمة الشّرك ، فالحصر والحبس باق لترك الصّلاة ومنع الزّكاة ، فمن ترك الصّلاة ومنع الزّكاة حبسه الإمام ، فاستفيد الحبس من الآية.
٥ ـ هذه الآية دالّة على أنّ من قال : قد تبت ، أنه لا يجتزأ بقوله حتى ينضاف إلى ذلك أفعاله المحقّقة للتّوبة ؛ لأن الله عزوجل شرط هنا مع التّوبة إقامة الصّلاة ، وإيتاء الزّكاة ، ليحقّق بهما التّوبة. وقال في آية الرّبا : (وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ) [البقرة ٢ / ٢٧٩] ، وقال : (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا) [البقرة ٢ / ١٦٠].
٦ ـ قوله تعالى : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ) عام في كل مشرك وفي كل من كفر بالله ، كما ذكر ابن العربي ، لكن السّنّة خصّت منه المرأة والصّبي والرّاهب ، وخصّ من القتل المثلة للنّهي عنها في السّنّة ، وعن قتل الصّبر بالنّبل ونحوه ، وقال النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فيما رواه أبو داود وابن ماجه عن ابن مسعود : «أعفّ الناس قتلة : أهل الإيمان» ، وقال فيما رواه الجماعة عن شدّاد بن أوس : «إذا قتلتم فأحسنوا القتلة».
والمراد بالآية : اقتلوا المشركين الذين يحاربونكم (٢). فيقتل مشركو العرب أو يسلموا. وخصّت الآية أيضا بأهل الكتاب بإقرارهم على الجزية فيخيرون بين الإسلام أو الجزية أو القتل ، كما سيأتي في آية : (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ
__________________
(١) تفسير القرطبي : ٨ / ٧٤.
(٢) أحكام القرآن لابن العربي : ٢ / ٨٨٩