قال ابن كثير : والصحيح أن الآية عامة ، وإن كان سبب نزولها مشركي قريش ، فهي عامة لهم ولغيرهم (١).
فقه الحياة أو الأحكام :
حضت الآية على التوبة الصادقة عن الشرك والتزام أحكام الإسلام ، وعلى إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ، فلا تفرقة بين هذه الأمور الثلاثة.
روى الحافظ أبو بكر البزار عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من فارق الدنيا على الإخلاص لله وعبادته ، لا يشرك به ، وأقام الصلاة ، وآتى الزكاة ، فارقها ، والله عنه راض».
فإن أعرض المشركون عن قبول دعوة الإسلام وطعنوا في الدين ، استحقوا القتل والقتال ، وأصبحت عهودهم لا قيمة لها وكأنها لم تكن. وربما كان القتال سبيلا لقبول الإسلام ، والتخلص من الوثنية والشرك.
واستدل أبو حنيفة رحمهالله بهذه الآية (إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ) على أن يمين الكافر ليست يمينا ، قال البيضاوي : وهو استدلال ضعيف ؛ لأن المراد نفي الوثوق عليها ، لا أنها ليست بأيمان ؛ لقوله تعالى : (وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ).
وعند الشافعي رحمهالله : يمينهم يمين ، ومعنى هذه الآية عنده : أنهم لما لم يفوا بها ، صارت أيمانهم كأنها ليست بأيمان. والدليل على أن أيمانهم أيمان : أنه تعالى وصفها بالنكث في قوله : (وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ) ولو لم يكن منعقدا ، لما صحّ وصفها بالنكث.
واستدل بعض العلماء بهذه الآية على وجوب قتل كل من طعن في الدّين ؛ إذ هو كافر. والطعن : أن ينسب إليه ما لا يليق به ، أو يعترض بالاستخفاف على
__________________
(١) تفسير ابن كثير : ٢ / ٣٣٩