ما هو من الدين ؛ لما ثبت من الدليل القطعي على صحة أصوله واستقامة فروعه (١). وقال ابن المنذر : أجمع عامة أهل العلم على أن من سبّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عليه القتل. وممن قال ذلك : مالك والليث وأحمد وإسحاق ، وهو مذهب الشافعي. وقد حكي عن أبي حنيفة أنه قال : لا يقتل من سبّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من أهل الذمّة ، وإنما يقتل بالحرابة والقتال.
وينتقض عهد الذمي إذا طعن في الدين في المشهور من مذهب مالك ، وهو مذهب الشافعي ؛ لقوله تعالى : (وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ) فأمر بقتلهم وقتالهم.
وقال أبو حنيفة : إنه يستتاب ويعزر ، وإن مجرد الطعن لا ينقض به العهد إلا مع وجود النّكث (٢) ؛ لأن الله عزوجل إنما أمر بقتلهم بشرطين : أحدهما ـ نقضهم العهد ، والثاني ـ طعنهم في الدين. ورد الجمهور بأن ذكر الأمرين لا يقتضي توقف قتاله على وجودهما ، فإن النكث يبيح لهم ذلك بانفراده عقلا وشرعا.
وإذا حاربنا الذمي نقض عهده ، وكان ماله وولده فيئا معه.
وأكثر العلماء على أن من سبّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من أهل الذمة ، أو عرّض ، أو استخف بقدره ، أو وصفه بغير الوجه الذي كفر به ، فإنه يقتل ؛ فإنا لم نعطه الذمة أو العهد على هذا.
ورأى أبو حنيفة والثوري أنه لا يقتل ، ما هو عليه من الشرك أعظم ، ولكن يؤدّب ويعزّر. والحجة عليهما قوله تعالى : (وَإِنْ نَكَثُوا) الآية. وقتل كعب بن الأشرف لإيذائه النبي وكان معاهدا.
__________________
(١) أحكام القرآن لابن العربي : ٢ / ٨٩٣
(٢) أحكام القرآن للجصاص : ٣ / ٨٥