وفيها أيضا أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم استعان بصفوان في الحرب ، وقد قال أبو حنيفة والشافعي : لا بأس بالاستعانة بالمشركين على المشركين ، إذا كان حكم الإسلام هو الغالب ، وإنما تكره الاستعانة بهم إذا كان حكم الشرك هو الظاهر.
وقال مالك : لم يكن خروج صفوان إلى حنين والطائف بأمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولا أرى أن يستعان بالمشركين على المشركين ، إلا أن يكونوا خدما أو نواتية (بحارة).
٤ ـ أبان الله عزوجل في هذه الآية أن الغلبة إنما تكون بنصر الله لا بالكثرة ، فلا يغلبون بكثرتهم ، وقد قال : (وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ ، فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ) [آل عمران ٣ / ١٦٠]. والنصر عند اشتداد المحنة من أعظم النعم الإلهية ، والمحنة هي ما طرأ عليهم من الخوف ، حتى لكأنهم لا يجدون في الأرض موضعا يصلح لفرارهم من عدوهم.
٥ ـ أنزل الله في هذه المعركة ما يسكن قلوب المؤمنين ويذهب خوفهم ، حتى اجترؤوا على قتال المشركين بعد أن ولوا ، وأنزل ملائكة يقوون المؤمنين بما يلقون في قلوبهم من الخواطر والتثبيت ، ويضعضعون الكافرين بالتجبين لهم من حيث لا يرونهم ومن غير قتال ؛ لأن الملائكة لم تقاتل إلا يوم بدر. وروي ـ كما تقدم ـ أن رجلا من بني نصر قال للمؤمنين بعد القتال : أين الخيل البلق ، والرجال الذين كانوا عليها بيض ، ما كنا فيهم إلا كهيئة الشامة ، وما كان قتلنا إلا بأيديهم؟! فأخبروا النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بذلك ، فقال : «تلك الملائكة».
٦ ـ عذب الله الكافرين في هذه المعركة بالقتل بأسياف المسلمين ، وهو جزاؤهم المستحق في دار الدنيا ، ثم تاب الله على من انهزم ، فهداه إلى الإسلام ، كمالك بن عوف النصري رئيس حنين ، ومن أسلم معه من قومه.
والخلاصة : حدثت أمور ثلاثة يوم حنين : إنزال الله السكينة على رسوله