الحرام ، ولا يمنعون من دخول غيره ، كما دخل في المسجد ثمامة وأبو سفيان ، وهما مشركان.
وقال المالكية : الآية عامة في سائر المشركين وسائر المساجد ، إلا في حالة العذر ، كدخول الذمي المسجد للتقاضي أمام الحاكم المسلم. وبذلك كتب عمر بن عبد العزيز إلى عماله ، واستدل بهذه الآية ، ويؤيدهم قوله تعالى : (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) [النور ٢٤ / ٣٦] ودخول الكفار فيها مناقض لترفيعها ، ولأن قوله عزوجل : (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ) تنبيه على العلة بالشرك والنجاسة (١).
وأباح الحنفية للكافر دخول المساجد كلها في الحرم وغيره لحاجة أو لغير حاجة ؛ لأن المقصود بالآية النهي عن حج المشركين واعتمارهم ، كما تقدم بيانه. فلا يمنع اليهود والنصارى من دخول المسجد الحرام ولا غيره ، ولا يمنع دخول المسجد الحرام إلا المشركون وأهل الأوثان.
٣ ـ قال الرازي : لا شبهة في أن المراد بقوله : (بَعْدَ عامِهِمْ هذا) السنة التي حصل فيها النداء من المشركين ، وهي السنة التاسعة من الهجرة (٢) أي أن المنع يبدأ من السنة العاشرة.
٤ ـ الفضل المذكور في الآية مطلق ، يشمل كل ما أغناهم الله به ، وهو الأصح ، وقيل : المراد به حمل الطعام إلى مكة من البلاد التي أسلم أهلها كجدة وصنعاء وحنين ، فإنه سد حاجتهم وأغناهم عما في أيدي المشركين. وقيل : المراد به الجزية ، وقيل : الفيء.
__________________
(١) أحكام القرآن لابن العربي : ٢ / ٩٠١ ، تفسير القرطبي : ٨ / ١٠٤ وما بعدها.
(٢) تفسير الرازي : ١٦ / ٢٦.