خصّوا بالذكر ، فتوجه الحكم إليهم دون سواهم ؛ لقوله عزوجل : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) [التوبة ٩ / ٥] ولم يقل : حتى يعطوا الجزية ، كما قال في أهل الكتاب. فلا تؤخذ الجزية من عبدة الأوثان من العرب.
وقال الأوزاعي والمالكية : تؤخذ الجزية من كل عابد وثن أو نار أو جاحد أو مكذّب ، عربيا أو عجميا ، تغلبيا أو قرشيا ، كائنا من كان ؛ إلا المرتد.
والجزية تؤخذ من الرجال المقاتلين ؛ لأنه تعالى قال : (قاتِلُوا الَّذِينَ) إلى قوله : (حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ) فيقتضي ذلك وجوبها على من يقاتل ، وقد أجمع العلماء على أن الجزية تؤخذ من الرجال الأحرار المقاتلين.
وإذا أعطوا الجزية لم يؤخذ منهم شيء من ثمارهم ولا زروعهم ولا تجارتهم ، إلا أن يتجروا في بلاد غير بلادهم التي أقرّوا فيها وصولحوا عليها ، فحينئذ يؤخذ منهم العشر إذا باعوا أمتعة التجارة ، وحصلوا على أثمانها ، ولو كان ذلك في السنة مرارا ، إلا في حملهم الطعام : الحنطة والزيت إلى المدينة ومكة على التخصيص ، فإنه يؤخذ منهم نصف العشر ، على ما فعل عمر.
ويمنعون من إظهار الخمر والخنزير في أسواق المسلمين ، فإن أظهروا شيئا من ذلك أريقت الخمر عليهم ، وأدّب من أظهر الخنزير. وإن أراقها مسلم من غير إظهارها فقد تعدّى ، ويجب عليه الضمان في مذهبي المالكية والحنفية.
وإن امتنعوا من أداء الجزية وغيرها ، وامتنعوا من حكم الإسلام من غير أن يظلموا ، قوتلوا في رأي الجمهور غير الحنفية.
وإن قطعوا الطريق فهم بمنزلة المحاربين المسلمين إذا لم يمنعوا الجزية ، أي يطبق عليهم حكم آية المحاربة : (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) [المائدة ٥ / ٣٣].