قال المحققون : وإنما استثقل الناس الخروج لغزوة تبوك لجهاد الروم لأسباب.
أحدها ـ شدة الزمان في الصيف والقحط.
وثانيها ـ بعد المسافة والحاجة إلى الاستعداد الكثير الزائد على ما جرت به العادة في سائر الغزوات.
وثالثها ـ إدراك الثمار بالمدينة في ذلك الوقت.
ورابعها ـ شدة الحر في ذلك الوقت.
وخامسها ـ مهابة عسكر الروم (١).
المناسبة :
بعد أن ذكر الله تعالى أسباب قتال الكفار من المشركين واليهود والنصارى ، وذكر منافع مقاتلتهم ، كقوله : (يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ). ذكر هنا ما يوجب قتال الروم وأتباعهم من النصارى من عرب الشام في غزوة تبوك. وتبوك في منتصف الطريق بين المدينة ودمشق ، تبعد عن الأولى ٦٩٠ كم وعن الثانية ٦٩٢ كم ، وكانت هذه الغزوة في رجب السنة التاسعة للهجرة بعد رجوع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من غزوة حنين والطائف.
ونزلت هذه الآيات لما دعا الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى غزوة تبوك ، وكانوا في عسرة وضيق. وشدة حر وقد حان قطاف التمر عندهم ، فشق ذلك عليهم ، فأبان تعالى أنه لا يصح ترك سعادة الآخرة والخير الكثير من أجل سعادة الدنيا وطيباتها ، فذلك جهل وسفه.
والكلام من هنا إلى آخر السورة في غزوة تبوك ، وما صاحبها من هتك ستر
__________________
(١) تفسير الرازي : ١٦ / ٥٩