وقال المحققون : إن هذه الآية خطاب لمن استنفرهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فلم ينفروا ، وعلى هذا التقدير فلا نسخ.
وتضمنت آية (إِلَّا تَنْصُرُوهُ) عتاب الله أيضا للمؤمنين بعد انصراف نبيهصلىاللهعليهوآلهوسلم من تبوك ؛ لأن معناها كما عرفنا : إن تركتم نصره ، فالله يتكفّل به ؛ إذ قد نصره الله في مواطن القلة ، وأظهره على عدوه بالغلبة والعزة.
وأبانت الآية في قوله تعالى : (إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ : لا تَحْزَنْ ، إِنَّ اللهَ مَعَنا) فضل أبي بكر بسبب صحبته النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في أحلك الظروف وشدة الخوف ، وتعرضه للقتل إن عثر المشركون عليه وعلى النبي ، واختيار النبي له لعلمه بأنه من المؤمنين الصادقين ، ولأن الظاهر يدل على كون الاختيار بأمر الله. ولتسميته بأنه (ثانِيَ اثْنَيْنِ) ولوصف الله تعالى أبا بكر بكونه صاحبا للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم.
قال الليث بن سعد : ما صحب الأنبياء عليهمالسلام مثل أبي بكر الصديق.
وقال سفيان بن عيينة : خرج أبو بكر بهذه الآية من المعاتبة التي في قوله : (إِلَّا تَنْصُرُوهُ).
وفي قوله تعالى : (ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ) ما يدل على أن الخليفة بعد النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم أبو بكر الصديق رضياللهعنه ؛ لأن الخليفة لا يكون أبدا إلا ثانيا. وجاء في السنة أحاديث صحيحة ، يدل ظاهرها على أنه الخليفة بعده ، وقد انعقد الإجماع على ذلك ، ولم يبق منهم مخالف. روى البخاري عن ابن عمر قال : كنا نخيّر بين الناس في زمن رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم ، فنخيّر أبا بكر ، ثم عمر ، ثم عثمان.