وجمهور أئمة السلف على تقديم عثمان على علي رضياللهعنهم أجمعين. وتضمنت آية (إِلَّا تَنْصُرُوهُ) أيضا معجزتين هما : تأييد الله نبيه بجند من الملائكة في قوله : (وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها) والضمير يعود إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وحماية الله نبيه في الغار من أذى المشركين في قوله : (إِذْ هُما فِي الْغارِ) والمراد غار ثور.
وقصة الهجرة ومعجزة الغار هي بإيجاز : لما رأت قريش أن المسلمين قد صاروا إلى المدينة ، قالوا : هذا شر شاغل لا يطاق ؛ فأجمعوا أمرهم على قتل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فبيّتوه ورصدوه على باب منزله طوال ليلتهم ، ليقتلوه إذا خرج ؛ فأمر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم علي بن أبي طالب أن ينام على فراشه (١) ، ودعا الله أن يعمّي عليهم أثره ، فطمس الله على أبصارهم ، فخرج وقد غشيهم النوم ، فوضع على رؤوسهم ترابا ونهض ، فلما أصبحوا ، خرج عليهم علي رضياللهعنه ، وأخبرهم أن ليس في الدار أحد ، فعلموا أن رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم قد فات ونجا.
وتواعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مع أبي بكر الصديق للهجرة ، فدفعا راحلتيهما إلى عبد الله بن أرقط ، ويقال : ابن أريقط ، وكان كافرا ، لكنهما وثقا به ، وكان دليلا بالطرق ، فاستأجراه ليدل بهما إلى المدينة.
وخرج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من خوخة (ثغرة) في ظهر دار أبي بكر التي في بني جمح ، ونهضا نحو الغار في جبل ثور.
وأمر أبو بكر ابنه عبد الله أن يستمع ما يقول الناس ، وأمر مولاه عامر بن فهيرة أن يرعى غنمه ، ويريحها (يردّها) عليهما ليلا ، فيأخذا منها حاجتهما. ثم نهضا فدخلا الغار.
__________________
(١) وفي هذا مخاطرة وفضل كبير أيضا لسيدنا علي كرم الله وجهه ، وهي طاعة عظيمة ومنصب رفيع.