(أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ) خبر (الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ) أغرقوا بالطوفان (وَعادٍ) قوم هود أهلكوا بالريح (وَثَمُودَ) قوم صالح أهلكوا بالرجفة (وَقَوْمِ إِبْراهِيمَ) أهلك نمرود ببعوض ، وأهلك أصحابه (وَأَصْحابِ مَدْيَنَ) هم قوم شعيب أهلكوا بالنار يوم الظلة (وَالْمُؤْتَفِكاتِ) قرى قوم لوط ، أي أهلها ، ائتفكت بهم ، أي انقلبت ، فصار عاليها سافلها ، وأمطروا حجارة من سجّيل (أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) أتتهم يعني الكل بالمعجزات ، فكذبوهم فأهلكوا (فَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ) أي لم يكن من عادته أن يعذبهم من غير ذنب (وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) بارتكاب الذنب وتعريضها للعقاب بالكفر والتكذيب.
المناسبة :
تستمر الآيات في بيان فضائح المنافقين وقبائحهم ، وهذا نوع آخر قصد به بيان الفرق بينهم وبين المؤمنين ، وتشبيههم بمن قبلهم من المنافقين والكفار ، وتمثيل حالهم بحال من سبقهم ، وعقد قياس أو موازنة بينهم وبين أناس غابرين ، لهم شبه بهم ، كما قصد به بيان أن إناثهم كذكورهم في تلك الأعمال المنكرة ، والأفعال الخبيثة.
التفسير والبيان :
تبيّن هذه الآيات وما بعدها الفروق الواضحة بين صفات المؤمنين وصفات المنافقين ، ولما كان المؤمنون يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، كان المنافقون عكسهم.
المنافقون والمنافقات أي الرّجال والنّساء يشبه بعضهم بعضا في صفة النفاق والبعد عن الإيمان وفي الأخلاق والأعمال ، فهم يأمرون بالمنكر : وهو ما أنكره الشّرع ونهى عنه ، ولم يقرّه الطّبع السليم والعقل الصحيح ، كالكذب والخيانة وخلف الوعد ونقض العهد ، كما جاء في الحديث الصّحيح الذي أخرجه الشّيخان والتّرمذي والنّسائي عن أبي هريرة : «آية المنافق ثلاث : إذا حدّث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا ائتمن خان». (وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ) :