وهو ما أمر به الشرع وأقرّه العقل والطّبع كالجهاد وبذل المال في سبيل الله ، كما قال تعالى عنهم : (هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ : لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا) [المنافقون ٦٣ / ٧].
ونسوا ذكر الله ، وأغفلوا تكاليف الشرع مما أمر به الله ونهى عنه ، فنسيهم أي جازاهم بمثل فعلهم ، وعاملهم معاملة من نسيهم ، بحرمانهم من لطفه ورحمته ، وفضله وتوفيقه في الدّنيا ، ومن الثواب في الآخرة ، كقوله تعالى : (الْيَوْمَ نَنْساكُمْ كَما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا) [الجاثية ٤٥ / ٣٤] ، وذلك لتركهم التّمسك بطاعة الله.
(إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ) ، أي الخارجون عن طريق الحقّ والاستقامة ، الدّاخلون في طريق الضّلالة ، المتمرّدون في الكفر ، المنسلخون عن كلّ خير.
ثم بيّن الله تعالى جزاءهم فقال : (وَعَدَ اللهُ الْمُنافِقِينَ).
أي أنه تعالى أكّد وعيده السابق بمجازاتهم وضمّهم إلى الكفار ، فأوعدهم جميعا نار جهنم يدخلونها ، ماكثين فيها أبدا ، مخلدين هم والكفار فيها ، هي كفايتهم في العذاب ووفاء الجزاء أعمالهم ، ولعنهم أي طردهم وأبعدهم من رحمته ، ولهم عذاب دائم مستمر غير عذاب جهنم والخلود فيها ، أو لهم عذاب ملازم في الدّنيا وهو ما يقاسونه من مرض النفاق ، والخوف من اطّلاع الرّسول والمسلمين على بواطنهم ، وحذرهم من أنواع الفضائح.
وفي ذكر النساء مع الرّجال دليل على عموم الوصف وتأصّل الدّاء ، وأما تأخير ذكر الكفار عن المنافقين فهو دليل على أنهم شرّ من الكفار ، وأن النّفاق أخطر من الكفر الصريح.
ثم بيّن الله تعالى أن ما أصاب هؤلاء المنافقين من العذاب في الدّنيا والآخرة ،