خروجهم يؤدي إلى الفساد ، ومنع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من الصلاة على موتاهم ؛ لأن الصلاة على الميت دعاء واستغفار واستشفاع له ، والكافر ليس بأهل لذلك ، ونهاه عن الاغترار بأموالهم وأولادهم أو استحسان ما لديهم ؛ لأنها ليست لخيرهم ، وإنما هي طريق لتعذيبهم بها في الدنيا ، وانشغالهم بها عن الآخرة.
التفسير والبيان :
يأمر الله رسوله عليه الصلاة والسلام بأنه إن ردك الله من سفرك هذا حين رجوعك من غزوة تبوك إلى طائفة من المنافقين المتخلفين ، وكانوا كما ذكر قتادة اثني عشر رجلا ، فاستأذنوك للخروج معك إلى غزوة أخرى ، فقل لهم تعزيرا وعقوبة : لن تخرجوا معي أبدا على أية حال ، ولن تقاتلوا معي أبدا عدوا بأي وضع كان.
ثم علل ذلك وبين سبب المنع بقوله : (إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ ...) أي إنكم اخترتم القعود عني أول مرة ، وتخلفتم بلا عذر ، وكذبتم في أيمانكم الفاجرة ، وفرحتم بالقعود ، بل وأغريتم بالتخلف عن الجهاد ، فاقعدوا أبدا مع الخالفين أي الرجال المنافقين الذين تخلفوا عن الجهاد كما قال ابن عباس ، أو مع فئة النساء والصبيان والعجزة كما قال الحسن ، لكن قال ابن جرير : وهذا لا يستقيم ؛ لأن جمع النساء لا يكون بالياء والنون ، ولو أريد النساء لقال : فاقعدوا مع الخوالف أو الخالفات. وقيل : المعنى فاقعدوا مع الفاسدين ، وهذا يدل على أن استصحاب المخذل في الغزوات لا يجوز. وقوله : (أَوَّلَ مَرَّةٍ) هي الخرجة إلى غزوة تبوك.
وعلى كل حال ، فالآية تأمر بعقابهم بألا يصاحبوا النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أبدا ، وذلك كما قال تعالى في سورة الفتح : (قُلْ : لَنْ تَتَّبِعُونا) [١٥].
ثم أمر الله تعالى رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم بأن يبرأ من المنافقين ، وألا يصلي على أحد منهم إذا مات ، وألا يقوم على قبره ليستغفر له أو يدعو له ؛ لأنهم كفروا بالله