الوفاء بالمعاهدات والمصالحات ، ويحرم المبادرة إلى الغدر والخيانة ونقض العهود.
وقد أثير خلاف حول هذه الآية ، هل هي منسوخة أو لا؟ فقال قتادة وعكرمة : نسخها (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) [التوبة ٩ / ٥] وقوله : (وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً) [التوبة ٩ / ٣٦] وقالا : نسخت براءة كل موادعة ، حتى يقولوا : لا إله إلا الله. وقال ابن عباس الناسخ لها : (فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ) [محمد ٤٧ / ٣٥].
وقال جماعة : ليست بمنسوخة ، لكنها تضمنت الأمر بالصلح إذا كان فيه المصلحة ، فإذا رأى الإمام مصالحتهم ، فلا يجوز أن يهادنهم سنة كاملة ، وإن كانت القوة للمشركين ، جاز مهادنتهم للمسلمين عشر سنين ، ولا يجوز الزيادة عليها ، اقتداء برسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإنه هادن أهل مكة عشر سنين ، ثم إنهم نقضوا العهد قبل كمال المدة.
وصالح أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في زمن عمر بن الخطاب رضياللهعنه ومن بعده من الأئمة كثيرا من بلاد العجم ؛ على ما أخذوه منهم ، وتركوهم على ما هم فيه ، وهم قادرون على استئصالهم.
وصالح رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أهل خيبر على شروط نقضوها ، فنقض صلحهم. وقد صالح الضّمري (مخشي بن عمرو ، من بني ضمرة بن بكر ، في غزوة الأبواء) وأكيدر دومة (أكيدر بن عبد الملك ، من كندة ، ودومة : هي دومة الجندل ، مدينة قريبة من دمشق) وأهل نجران. وقد هادن قريشا لعشرة أعوام حتى نقضوا عهده.
وما زالت الخلفاء والصحابة على هذه السبيل عاملة وسالكة.
والخلاصة كما ذكر ابن العربي : إذا كان للمسلمين قوة وعزة ومنعة فلا صلح ،