رحمتك بعدا عظيما كثيرا شديد الموقع ، وهذا بمعنى الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمرو أن أبا بكر قال : يا رسول الله ، علّمني دعاء أدعو به في صلاتي ، قال : «قل : اللهم ، إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ، ولا يغفر الذنوب إلا أنت ، فاغفر لي مغفرة من عندك ، وارحمني ، إنك أنت الغفور الرحيم» يروى «كبيرا» و «كثيرا» وهما بمعنى واحد ، واستحب بعضهم أن يجمع الداعي بين اللفظين في دعائه ، قال ابن كثير : وفي ذلك نظر ، بل الأولى أن يقول هذا تارة ، وهذا تارة ، كما أن القارئ مخير بين القراءتين ، أيتهما قرأ أحسن ، وليس له الجمع بينهما (١).
فقه الحياة أو الأحكام :
أرشدت الآيات إلى ما يأتي :
١ ـ لما توعد الله المؤذين لرسول الله صلىاللهعليهوسلم بالعذاب ، سألوا عن الساعة ، استبعادا وتكذيبا ، موهمين أنها لا تكون ، فأجابهم الله بأن علمها عند الله ، وليس في إخفائها عن رسوله صلىاللهعليهوسلم ما يبطل نبوته ، فليس من شرط النبي أن يعلم الغيب بغير تعليم من الله عزوجل.
٢ ـ إن وقت حصول الساعة (القيامة) في زمان قريب ، وقد أخفي وقت الساعة ليكون العبد مستعدا لها. وهذا إشارة إلى التخويف.
٣ ـ إن الله عاقب الكافرين بالطرد والإبعاد من رحمته ، وبإعداد نار جهنم المستعرة الشديدة الاتقاد ، وهم فيها خالدون ماكثون على الدوام ، ولا شفيع لهم ينجيهم من عذاب الله والخلود فيه ، ويتقلبون في السعير ذات اليمين وذات الشمال كما يشوى اللحم في النار. وهذا يدل على أنهم ملعونون في الدنيا ، وملعونون عند الله ، وأن العذاب دائم مستمر لا أمل في الخروج منه.
__________________
(١) تفسير ابن كثير : ٣ / ٥١٩