رجل من الأنصار : إن هذه القسمة ما أريد بها وجه الله ، فاحمرّ وجهه ، ثم قال : رحمة الله على موسى ، فقد أوذي بأكثر من هذا فصبر».
وروى أحمد عن ابن مسعود أيضا قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لأصحابه : «لا يبلّغني أحد عن أحد من أصحابي شيئا ، فإني أحب أن أخرج إليكم ، وأنا سليم الصدر».
وأما إيذاء موسى فالظاهر أنه كان بالطعن في تصرفاته ، لا بتعييبه في بدنه ، بدليل الحديث الأول عن ابن مسعود.
وبعد نهي المؤمنين عن إيذاء الرسول صلىاللهعليهوسلم بالقول أو بالفعل ، أرشدهم إلى ما ينبغي أن يصدر عنهم من الأقوال والأفعال ، أما الأفعال فالخير ، وأما الأقوال فالحق ؛ لأن من أتى بالخير وترك الشر فقد اتقى الله ، ومن قال الصدق قالا قولا سديدا ، فقال :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ ، وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً) أي يا أيها المؤمنون بالله ورسوله ، اتقوا الله في كل الأمور باجتناب معاصيه ، والتزام أوامره وعبادته عبادة من كأنه يراه ، وقولوا القول الصواب والحق في كل أموركم ، ويدخل فيه قول : لا إله إلا الله ، والإصلاح بين الناس ، كما يدخل فيه القول في شأن زيد وزينب ، ولا تنسبوا النبي صلىاللهعليهوسلم إلى ما لا يحل.
ثم وعدهم على الأمرين : الخير في الأفعال والصدق في الأقوال بأمرين فقال :
(يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) أي وعدهم على فعل الخيرات بإصلاح الأعمال ، أي بقبولها ، وجعل صاحبها في الجنة خالدا فيها أبدا ، وعلى القول السديد بمغفرة الذنوب الماضية ، وأما ما قد يقع منهم في المستقبل فيلهمهم التوبة منها.