ثم حرضهم على الطاعة ، فقال :
(وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً) أي ومن يطع أوامر الله والرسول ويجتنب النواهي ، فقد نجا من نار الجحيم ، وصار إلى النعيم المقيم. وبالرغم من أن طاعة الله هي طاعة الرسول صلىاللهعليهوسلم ، فإنه تعالى جمع بينهما لبيان أن المطيع اتخذ عند الله عهدا ، وعند الرسول صلىاللهعليهوسلم يدا.
فقه الحياة أو الأحكام :
يستنبط من الآيات ما يأتي :
١ ـ لم تقتصر عناية القرآن وتحذيره على فئة من الناس دون فئة ، فبعد أن ذكر الله تعالى المنافقين والكفار الذين آذوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم والمؤمنين ، حذّر المؤمنين من التعرّض للإيذاء ، ونهاهم عن التشبه ببني إسرائيل في إيذائهم نبيهم موسى عليهالسلام.
ومظاهر إيذاء محمد صلىاللهعليهوسلم وموسى عليهالسلام مختلف فيها ، فقيل : إن أذيّتهم محمدا صلىاللهعليهوسلم قولهم : زيد بن محمد ، أو أنه قسم قسما ، فقال رجل من الأنصار : إن هذه القسمة ما أريد بها وجه الله ، فغضب النبي صلىاللهعليهوسلم وقال : «رحم الله موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر».
وأما أذية موسى عليهالسلام ، فقال ابن عباس وجماعة : هي اتهامه بالأدرة كما تقدم. وقال علي بن أبي طالب رضياللهعنه : آذوا موسى بأن قالوا : قتل هارون ، مع أنه مات في جبل في سيناء بعد خروج موسى وهارون من التيه (قلب شبه جزيرة طور سينا). وقيل : إن أذية موسى عليهالسلام رميهم إياه بالسحر والجنون ، وقيل بغير ذلك. قال القرطبي : والصحيح الأول ، ويحتمل أن فعلوا كل ذلك ، فبرّأه الله من جميع ذلك.