وقال الزمخشري : اللام لام التعليل على طريق المجاز ؛ لأن نتيجة حمل الأمانة العذاب ، كما أن التأديب في قولك : «ضربته للتأديب» نتيجة الضرب. وقد جاراه القرطبي في ذلك. (الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ) المضيعين الأمانة. (وَيَتُوبَ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) المؤدين الأمانة. والوعد بالتوبة دليل على أن قوله : (إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً) موجه إلى حال جبلة الإنسان فهو ظلوم لنفسه جهول بربه.
(وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) غفورا للمؤمنين رحيما بهم ، حيث تاب على ما فرطوا من ذنوب ، وأثاب على طاعاتهم.
المناسبة :
بعد بيان أن من أطاع الله ورسوله فاز فوزا عظيما ، أبان الله تعالى الوسيلة التي تنال بها الطاعة وهي فعل التكاليف الشرعية ، وأن تحصيلها شاقّ على النفوس يحتاج إلى مكابدة وجهاد ، ثم ذكر أن ما يحدث من صدور الطاعة من المكلفين ، وإباء القبول ، والامتناع من الالتزام إنما هو باختيار الإنسان دون جبر ولا إكراه.
التفسير والبيان :
يبين الله تعالى خطورة التكاليف وثقلها ، وأنها عظيمة ناءت بحملها السموات والأرض والجبال ، فقال :
(إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ ، فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها ، وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ ، إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً) أي إنا عرضنا التكاليف كلها من فرائض وطاعات على هذه الأجرام العظام ، فلم تطقها وأبت تحمل مسئوليتها ، وخافت من حملها ، لو فرض أنها ذات شعور وإدراك ، ولكن كلّف بها الإنسان ، فتحملها مع ضعفه ، وهو في ذلك ظلوم لنفسه ، جهول لقدر ما تحمله.
قال ابن عباس : يعني بالأمانة الطاعة والفرائض ، عرضها عليهم قبل أن