وأفعاله (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) ملكا وخلقا ونعمة. (وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ) لله الحمد في الدنيا لكمال قدرته وتمام نعمته ، وله أيضا حمد عباده في الدار الآخرة إذا دخلوا الجنة ، للسبب السابق ذاته (وَهُوَ الْحَكِيمُ) في فعله وهو الذي أحكم أمر الدارين ودبره بمقتضى الحكمة (الْخَبِيرُ) بخلقه في الدارين ، وهو الذي يعلم بواطن الأمور.
(يَلِجُ فِي الْأَرْضِ) يدخل فيها كالماء ينفذ في موضع وينبع في آخر ، وكالكنوز والدفائن والأموات (وَما يَخْرُجُ مِنْها) كالزروع والنباتات والحيوان والفلزات وماء العيون (وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ) من الأمطار والثلوج والبرد والصواعق والأرزاق والملائكة والكتب والمقادير (وَما يَعْرُجُ فِيها) يصعد فيها من أعمال العباد وغيرها من الملائكة والأبخرة والأدخنة (الرَّحِيمُ) بعباده (الْغَفُورُ) لذنوبهم.
التفسير والبيان :
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) أي إن الحمد المطلق الكامل لله مالك السموات والأرض وما فيهما ، والمتصرف بشؤونهما ، يفعل ما يشاء ، ويحكم ما يريد ، وحمده على النعم التي أنعم بها على خلقه ، والمعنى : إن المستحق للحمد والثناء والشكر هو الله الذي له ما في السموات وما في الأرض ملكا وخلقا وتصرفا بما يشاء ، فهو صاحب القدرة الكاملة ، والنعمة التامة.
(وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ) أي لله الحمد في الآخرة كالحمد في الدنيا ؛ لأنه المنعم المتفضل على أهل الدنيا والآخرة ، كما قال في آية أخرى : (وَهُوَ اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ ، لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ ، وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [القصص ٢٨ / ٧٠]. وقال تعالى في حكاية حمد أهل الجنة : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ ، وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ) [الزمر ٣٩ / ٧٤]. (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ ، إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ. الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ) [فاطر ٣٥ / ٣٤ ـ ٣٥].
وإذا كان هو المحمود على طول المدى ، فهو المعبود أبدا.