الْغَيْبِ) تكرار لإثباته ، مؤكدا بالقسم ، مقررا وصف المقسم به بصفات تثبت إمكانه ، وتنفي استبعاده (لا يَعْزُبُ عَنْهُ) لا يغيب عنه (مِثْقالُ ذَرَّةٍ) وزن أو مقدار أصغر نملة (وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ) المثقال (وَلا أَكْبَرُ) منه (إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) أي إلا وهو مثبت في كتاب بيّن واضح وهو اللوح المحفوظ.
وقوله : (وَلا أَصْغَرُ) إلخ جملة مؤكدة لنفي العزوب.
(لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا ..) علة لقوله : (لَتَأْتِيَنَّكُمْ) وبيان لما يقتضي إتيانها ، أي إن إتيان الساعة فائدته جزاء المؤمنين بالثواب والكافرين بالعقاب (مَغْفِرَةٌ) لذنوبهم ، أي محوها من قبل الله تعالى بسبب غلبة إيمانهم وأعمالهم الصالحة على ذنوبهم (وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) حسن لا تعب فيه ولا منّة عليه ، وهو ما يقيض لهم من ملاذ الأطعمة وغيرها في الجنة بسبب إيمانهم وعملهم الصالح تفضلا من الله تعالى عليهم.
(وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا) بإبطال آياتنا المنزلة على الرسل ، وتزهيد الناس فيها (مُعاجِزِينَ) مسابقين لنا يظنون أنهم يفوتوننا فلا نقدر عليهم ، لاعتقادهم ألا بعث ولا عقاب ، وقرئ : معجّزين ، أي مثبّطين عن الإيمان بآيات القرآن من أراده (رِجْزٍ) سيء العذاب أو عذاب شديد (أَلِيمٌ) مؤلم.
(وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) أي ويعلم أولو العلم من الصحابة ومشايعوهم من الأمة ، أو من مسلمي أهل الكتاب كعبد الله بن سلام وأصحابه (الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) القرآن (هُوَ الْحَقَ) الثابت الصحيح وغيره باطل (وَيَهْدِي إِلى صِراطِ) أي يوصل إلى طريق الله ودين الله وهو التوحيد والتقوى (الْعَزِيزِ) ذي العزة الذي يغلب ولا يغلب (الْحَمِيدِ) المحمود في جميع شؤونه.
__________________
ـ صدقه ، والمعنى : بلى كنت صديقي ، فهي إذن لإثبات المنفي. وأما «نعم» : فهي في الأصل : تصديق لما قبلها في كل كلام وإيجاب له ، وعدة ، مثل : هل تحسن إلي؟ فيقول الرادّ : نعم ، فيعده بالإحسان ، فإن أراد ترك الإحسان قال : لا ، ولا يحسن هنا : بلى. و «لا» نفي لما قبلها وردّ له. وأما «كلا» فتكون بمعنى «لا» ومعناها الرد والإنكار لما تقدم قبلها من الكلام وذلك في حال الوقف عليها. وقد تأتي بمعنى «حقّا» وهو مذهب الكسائي خلافا لحذّاق النحويين. وفي حال الابتداء ب «كلا» تكون بمعنى «ألا» مثل (كَلَّا ، إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى) (شرح «كلا ، وبلى ، ونعم» للعلامة مكي بن أبي طالب القيسي).