(جِنَّةٌ) جنون وزوال عقل يوهمه ذلك ويجعله يتخيل البعث. (بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) المشتملة على البعث والعذاب فيها (فِي الْعَذابِ وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ) عن الحق والصواب في الدنيا ، والعذاب في الآخرة. والمقصود الردّ من الله عليهم لإثبات ما هو أفظع من القسمين وهو الضلال والعذاب.
(أَفَلَمْ يَرَوْا) ينظروا. (إِلى ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ) ما فوقهم وما تحتهم. (نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ) نغيبهم فيها. (كِسَفاً) قطعا جمع كسفة. (إِنَّ فِي ذلِكَ) المرئي. (لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ) المنيب : الراجع إلى ربه المطيع له ، والمعنى : إن فيما رأوا لدلالة على قدرة الله على البعث وما يشاء.
المناسبة :
بعد الإخبار عن إنكار الكفرة الساعة ، والرّد عليهم ، وبيان جزائهم وجزاء المؤمنين بها ، ذكر الله تعالى مقال الكافرين في شأن الساعة على سبيل التعجب والتهكم والاستهزاء ، ووصفهم لمحمد صلىاللهعليهوسلم بأنه مفتر أو مجنون ، ثم أقام الدليل على البعث بقدرته على خلق السموات والأرض ، ثم هددهم بالعذاب الشديد ، لعلهم يرجعون عن كفرهم.
التفسير والبيان :
(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا : هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ ، إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) أي قال بعض الكفار لبعض على سبيل التعجب والاستهزاء والتهكم : هل ندلكم على شخص اسمه محمد يخبركم بنبإ غريب وهو أنكم إذا بليتم وصرتم ترابا وصارت أجسادكم في الأرض متفرقة موزعة قطعا قطعا ، تعودون بعدئذ أحياء كما كنتم مرة أخرى.
ونظير الآية : (وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً ، وَنَسِيَ خَلْقَهُ ، قالَ : مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) [يس ٣٦ / ٧٨].