اضواء على سبأ وسد مأرب :
كانت سبأ ملوك اليمن وأهلها ، وكانت التبابعة منهم ، وبلقيس صاحبة سليمان عليهالسلام من جملتهم ، وكانوا في نعمة وغبطة في بلادهم وعيشهم واتساع أرزاقهم وثمارهم ، وبعث الله تبارك وتعالى إليهم الرسل تأمرهم أن يأكلوا من رزقه ، ويشكروه بتوحيده وعبادته ، فكانوا كذلك ما شاء الله تعالى ، ثم أعرضوا عما أمروا به ، فعوقبوا بإرسال سيل العرم ، والتفرق في البلاد (١).
روى الإمام أحمد وابن أبي حاتم وابن جرير والترمذي عن ابن عباس يقول : إن رجلا سأل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن سبأ ما هو ، أرجل أم امرأة أم أرض؟ قال صلىاللهعليهوسلم : «بل هو رجل ، ولد له عشرة ، فسكن اليمن منهم ستة ، والشام منهم أربعة ، فأما اليمانيون : فمذحج ، وكندة ، والأزد ، والأشعريون ، وأنمار ، وحمير ، وأما الشامية : فلخم ، وجذام ، وعاملة ، وغسّان» وإسناده حسن.
قال علماء النسب كمحمد بن إسحاق : اسم سبأ : عبد شمس بن يشجب بن يعرب بن قحطان ، وإنما سمي سبأ ؛ لأنه أول من سبأ ـ أي تفرق ـ في العرب ، وكان يقال له : الرائش ؛ لأنه أول من غنم في الغزو ، فأعطى قومه ، فسمي الرائش ، والعرب تسمي المال ريشا ورياشا.
وأرض سبأ : طيبة الثمار والهواء ، كثيرة الخيرات والبركات ، أنعم الله على أهلها بنعم كثيرة ليوحدوه ويعبدوه. والسابئيون : قوم سكنوا اليمن ، وأقاموا المدن العظام ذات الحصون والقلاع والقصور الشامخة.
واختلفوا في قحطان على ثلاثة أقوال : أحدها ـ أنه من سلالة إرم بن سام بن نوح ، والثاني ـ أنه من سلالة عابر وهو هود عليهالسلام ، والثالث ـ أنه من سلالة إسماعيل بن إبراهيم الخليل على نبينا وعليهما الصلاة والسلام.
__________________
(١) تفسير ابن كثير : ٣ / ٥٣٠