المناسبة :
بعد بيان أن الأصنام ونحوها من الآلهة المزعومة لا يملكون شيئا في الكون ، أبان الله تعالى أن المشركين يعترفون بأن الرازق من السماء والأرض بما ينزل من المطر وينبت من الزرع ويوجد من المعادن هو الله ، فيلزمهم أن يعتقدوا بأنه لا إله غيره ، وأن المحق واحد من الفريقين وغيره مبطل ، والمحق هم المؤمنون لقيام الدليل على التوحيد ، وأن يعلموا أن الله هو الحاكم بالحق يوم القيامة ، وأنه هو الخالق الرازق ، أما الشركاء فلا يخلقون ولا يرزقون.
التفسير والبيان :
(قُلْ : مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، قُلِ : اللهُ) أي قل أيها الرسول لهؤلاء المشركين عبدة الأوثان والأصنام على سبيل التوبيخ والتبكيت : من الرازق لكم من السموات بإنزال المطر ، ومن الأرض بالنبات والمعادن ونحوها؟ قل لهم : هو الله الذي يرزقكم ، إن لم يجيبوا ، بل لا جواب لهم سواه ، وقد أجابوا فعلا في آيات أخرى بأنه هو الله ، قال تعالى : (قُلْ : مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ ، أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ ، وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ ، وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ ، وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ؟ فَسَيَقُولُونَ : اللهُ ، فَقُلْ : أَفَلا تَتَّقُونَ) [يونس ١٠ / ٣١].
وإذا اعترفتم بأن الله هو الرازق ، فلم تعبدون سواه ممن لا يقدر على الرزق؟ كما قال تعالى تبكيتا وتعنيفا لهم : (قُلْ : مَنْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ؟ قُلِ : اللهُ ، قُلْ : أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ، لا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرًّا) [الرعد ١٣ / ١٦].
ثم دعاهم الله تعالى إلى الإيمان بالله بطريق التلطف ، بعد هذا الإلزام القائم مقام الاعتراف والإقرار ، فقال :