أرسل الله إليهم ثلاثة رسل من أصحاب عيسى عليهالسلام الحواريين فكذبوهم ، كما كذبك قومك عنادا ، وأصر الفريقان على التكذيب.
والقرية : أنطاكية في رأي جميع المفسرين ، والمرسلون : أصحاب عيسى أرسلهم مقررين لشريعته ، في رأي ابن عباس وكثير من المفسرين.
ثم بيّن عدد الرسل فقال :
(إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما ، فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ ، فَقالُوا : إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ) أي حين أرسلنا إليهم رسولين ، أرسلهما عيسى عليهالسلام بأمر الله تعالى ، فبادروا إلى تكذيبهما في الرسالة ، فأيدناهما وقويناهما برسول ثالث ، فقالوا لأهل تلك القرية : إنا مرسلون إليكم من ربكم الذي خلقكم بأن تعبدوه وحده لا شريك له ، وتتركوا عبادة الأصنام.
وكان الرسولان الأولان يوحنا وبولص ، والرسول الثالث شمعون وقيل : إنه بولص.
فتمسكوا كغيرهم من الأمم بشبهة البشرية ، كما حكى تعالى :
(قالُوا : ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا ، وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ ، إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ) أي قال أصحاب القرية للرسل الثلاثة : أنتم مثلنا بشر تأكلون الطعام وتمشون في الأسواق ، فمن أين لكم وجود مزية تختصون بها علينا ، وتدّعون الرسالة؟ والله الرحمن لم ينزل إليكم رسالة ولا كتابا مما تدّعون ، ويدّعيه غيركم من الرسل وأتباعهم ، وما أنتم فيما تدّعون الرسالة إلا كاذبون.
وقولهم : (ما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ) دليل على اعترافهم بوجود الله ، لكنهم ينكرون الرسالة ، ويعبدون الأصنام وسائل إلى الله تعالى.
وهذه شبهة كثير من الأمم المكذبة ، كما أخبر الله تعالى عنهم في قوله :