(ذلِكَ بِأَنَّهُ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ ، فَقالُوا : أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا؟) [التغابن ٦٤ / ٦] أي تعجبوا من ذلك وأنكروه. وقوله تعالى : (قالُوا : إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا ، فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) [إبراهيم ١٤ / ١٠].
فأجابهم الرسل :
(قالُوا : رَبُّنا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ) أي أجابتهم رسلهم الثلاثة قائلين : الله يعلم أنا رسله إليكم ، ولو كنا كذبة عليه ، لانتقم منا أشد الانتقام ، ولكنه سيعزّنا وينصرنا عليكم ، وستعلمون لمن تكون عاقبة الدار؟ كقوله تعالى : (قُلْ : كَفى بِاللهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً ، يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ ، وَكَفَرُوا بِاللهِ ، أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) [العنكبوت ٢٩ / ٥٢].
ثم ذكر الرسل مهمتهم :
(وَما عَلَيْنا إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) أي إنما علينا أن نبلغكم ما أرسلنا به إليكم ، ولا يجب علينا إلا تبليغ الرسالة بنحو واضح ، فإذا استجبتم كانت لكم سعادة الدارين ، وإن لم تجيبوا فستعلمون عاقبة تكذيبكم.
فعند ذلك هددهم أهل القرية :
(قالُوا : إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ ، وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ) أي قال لهم أهل القرية : إنا تشاءمنا بكم ، ولم نر خيرا في عيشنا على وجوهكم ، فقد فرقتمونا وأوقعتم الخلاف فيما بيننا ، ولئن لم تتركوا هذه الدعوة ، وتعرضوا عن هذه المقالة ، لنرجمنكم بالحجارة ، وليصيبنكم منا عذاب مؤلم أو عقوبة شديدة. وقوله : (وَلَيَمَسَّنَّكُمْ) بيان للرجم ، يعني : ولا يكون الرجم رجما قليلا بحجر أو حجرين ، بل نديم ذلك عليكم إلى الموت ، وهو عذاب أليم. ويرى