[النمل ٢٧ / ٦٠]. وربما كان العلم بامتناعه شرعا كقوله تعالى : (ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ) [آل عمران ٣ / ٧٩] وقوله تعالى : (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ) [الشورى ٤٢ / ٥١]. وربما كان في المندوبات ؛ كما تقول : «ما كان لك يا فلان أن تترك النوافل» ونحو هذا.
٢ ـ في هذه الآية دليل للمالكية على أن الكفاءة لا تعتبر في الأحساب وإنما تعتبر في الأديان ، خلافا للجمهور ؛ لأن الموالي تزوجت في قريش ، تزوج زيد زينب بنت جحش ، وتزوج المقداد بن الأسود ضباعة بنت الزبير ، وزوّج أبو حذيفة سالما من فاطمة بنت الوليد بن عتبة ، وتزوج بلال أخت عبد الرحمن بن عوف. وقد أراد الله امتحان زينب بزواج زيد لهدم مبدأ العصبية الجاهلية والامتياز الطبقي أو العنصري ، وجعل أساس التمايز هو الإسلام والتقوى.
٣ ـ يجب اتباع أمر الله ورسوله ؛ لأن الله أخبر أن من يعصي الله ورسوله فقد ضل طريق الهدى. قال القرطبي : وهذا أدل دليل على ما ذهب إليه الجمهور من فقهائنا ، وفقهاء أصحاب الإمام الشافعي وبعض الأصوليين ، من أن صيغة «افعل» للوجوب في أصل وضعها ؛ لأن الله تبارك وتعالى نفى خيرة المكلّف عند سماع أمره وأمر رسوله صلىاللهعليهوسلم ، ثم أطلق على من بقيت له خيرة عند صدور الأمر اسم المعصية ، ثم علّق على المعصية بذلك الضلال ، فلزم حمل الأمر على الوجوب (١).
٤ ـ أراد الله تعالى من عتاب نبيه بآية : (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ ..) إظهار صلابة الأنبياء في بيان الأحكام الإلهية ، وأن يكون ظاهرهم
__________________
(١) تفسير القرطبي : ١٤ / ١٨٨