وقال القرطبي : وهذه نعمة من الله تعالى على هذه الأمة من أكبر النعم ؛ ودليل على فضلها على سائر الأمم ، وقد قال : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) [آل عمران ٣ / ١١٠].
ذكر النحاس حديثا : أن بني إسرائيل سألوا موسى عليهالسلام : أيصلّي ربّك جلّ وعزّ؟ فأعظم ذلك ؛ فأوحى الله جل وعز : «إن صلاتي بأن رحمتي سبقت غضبي».
٣ ـ قوله تعالى : (لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) أي من الضلالة إلى الهدى : معناه التثبيت على الهداية ؛ لأنهم كانوا في وقت الخطاب على الهداية. وقوله : (وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً) إخبار برحمته تعالى للمؤمنين وتأنيس لهم ، فهو يرحمهم في الدنيا بهدايتهم إلى الحق ، ويؤمنهم من عذاب الله يوم القيامة ، وتكون تحية الله لهم يوم القيامة بعد دخول الجنة : سلام ، أي سلامة من عذاب الله ، وقيل : عند الموت وقبض الروح.
قال ابن كثير : الظاهر أن المراد ـ والله أعلم ـ تحيتهم ، أي من الله تعالى يوم يلقونه : سلام ، أي يوم يسلم عليهم ، كما قال عزوجل : (سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) [يس ٣٦ / ٥٨]. وزعم قتادة أن المراد أنهم يحيي بعضهم بعضا بالسلام يوم يلقون الله في الدار الآخرة ، واختاره ابن جرير. وكذا قال القرطبي : (تَحِيَّتُهُمْ) أي تحية بعضهم لبعض ، ويؤيده قوله تعالى : (دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللهُمَّ ، وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ ، وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) [يونس ١٠ / ١٠].