والدار الآخرة ، ويكون ذلك قصرا للنبي صلىاللهعليهوسلم على أزواجه مجازاة لهن ، وشكرا على هذا الاختيار ، كما قصرهن الله عليه إكراما له في قوله : (وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ) [الأحزاب ٣٣ / ٥٣].
وقيل : إن هذه الآية منسوخة بالسنة ، وهو حديث عائشة ، قالت : ما مات رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى أحلّ له النساء. وبه قال الشافعي وقيل : إنها منسوخة بآية أخرى ، روى الطحاوي عن أم سلمة قالت : لم يمت رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى أحلّ الله له أن يتزوج من النساء من شاء ، إلا ذات محرم ، وذلك قوله عزوجل : (تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ).
والراجح أن الآية محكمة غير منسوخة ، لأن حديث عائشة كما قال ابن العربي حديث ضعيف واه ، أي شديد الضعف (١). وأما نسخها بآية : (تُرْجِي مَنْ تَشاءُ ...) فقال فيه بعض فقهاء الكوفة : محال أن تنسخ هذه الآية : (تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَ لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ) وهي قبلها في المصحف الذي أجمع عليه المسلمون.
وأما القول بأن الترتيب في التلاوة ليس دليل الترتيب في النزول ، فهو صحيح ، لكن النسخ في الحقيقة يتطلب أمرين : ثبوت تأخر الناسخ عن المنسوخ ، وأن يكون بينهما تعارض. وهذان لم يتوافرا هنا.
٩ ـ ظاهر قوله تعالى : (وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ) ناسخ لما كان قد ثبت له صلىاللهعليهوسلم من أنه إذا رأى واحدة ، فوقعت في قلبه موقعا كانت تحرم على الزوج ، ويجب عليه طلاقها. وهو دليل على منع تبديل زوجات النبي صلىاللهعليهوسلم اللاتي اخترنه وهن تسع.
__________________
(١) أحكام القرآن : ٣ / ١٥٥٩