عليهن البر والفاجر ، فلو حجبتهن ، فأنزل الله آية الحجاب. وقلت لأزواج النبي صلىاللهعليهوسلم لما تمالأن عليه : (عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَ) فنزلت كذلك.
وآية الحجاب هذه ـ كما ذكر قتادة والواقدي ـ نزلت في صبيحة عرس رسول الله صلىاللهعليهوسلم بزينب بنت جحش التي تولى الله تعالى تزويجها بنفسه ، وكان ذلك في ذي القعدة من السنة الخامسة ، وقد صدّرت الآية بأدب اجتماعي يدفع الحرج عن النبي ، فقال تعالى :
١ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ) أي يا أيها الذين صدقوا بالله ربّا وبمحمد رسولا إياكم أن تدخلوا بيتا من بيوت النبي صلىاللهعليهوسلم في كل الأحوال إلا في حال كونكم مصحوبين بالإذن بأن دعيتم إلى وليمة طعام ، غير منتظرين وقت نضجه واستوائه ، فإذا تم النضج وتوافر الإعداد فادخلوا حينئذ.
وهذا قوله تعالى :
٢ ـ (وَلكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا ، فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا ، وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ) إذا دعاكم الرسول صلىاللهعليهوسلم فادخلوا البيت الذي أذن لكم بدخوله ، فإذا تناولتم الطعام الذي دعيتم إليه فتفرقوا ولا تمكثوا فيه من أجل تبادل أطراف الحديث والتحدث في شؤون الدنيا.
وهذا دليل على حظر المؤمنين من دخول منازل النبي صلىاللهعليهوسلم بغير إذن ، وعدم ارتقاب نضج الطعام ، وعلى حرمة التطفل ، وعلى عدم البقاء في البيوت بعد الأكل ، للاشتغال بلهو الحديث مع بعضكم أو مع أهل البيت ، فذلك أمر غير مرغوب فيه ، ونوع من الثقل غير محمود ؛ لأن أهل البيت بحاجة إلى التفرغ لتنظيف الأواني والراحة من عناء إعداد الطعام ، لذا قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيما