أي اعتنوا أنتم أيضا بالصلاة عليه ، فإنكم أولى بذلك ، وقولوا : اللهم صل وسلّم على محمد. والآية تدل على وجوب الصلاة والسلام عليه في الجملة ، وتجوز الصلاة على غيره تبعا له ، وتكره استقلالا ؛ لأنه في العرف صار شعارا لذكر الرسل ، كما ذكر البيضاوي والشوكاني وغيرهما ، فلا يقال : صلّى الله على فلان ، أو فلان عليهالسلام ، وقد اتفق العلماء على أن الصلاة على رسول الله صلىاللهعليهوسلم فرض على كل مسلم ، وأقلها في العمر مرة.
(إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) يرتكبون ما يكرهانه من الكفر والمعاصي وهم الكفار يصفون الله بما هو منزه عنه من الولد والشريك ، ويكذبون رسوله صلىاللهعليهوسلم. (لَعَنَهُمُ اللهُ) أبعدهم وطردهم من رحمته. (عَذاباً مُهِيناً) ذا إهانة وغاية في الإهانة مع الإيلام ، وهو النار. (بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا) يرمونهم بغير جناية استحقوا بها الإيذاء ، أو بغير ما عملوا. (احْتَمَلُوا بُهْتاناً) تحملوا كذبا. (وَإِثْماً مُبِيناً) أي ذنبا ظاهرا واضحا.
سبب النزول :
نزول الآية (٥٧):
(إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ) : أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) الآية قال : نزلت في الذين طعنوا النبي صلىاللهعليهوسلم حين اتخذ صفية بنت حييّ زوجة له. وقال جويبر عن الضحاك عن ابن عباس : أنزلت في عبد الله بن أبيّ وناس معه قذفوا عائشة ، فخطب النبي صلىاللهعليهوسلم وقال : «من يعذرني في رجل يؤذيني ويجمع في بيته من يؤذيني» ، فنزلت.
وروي أنها نزلت في منافقين يؤذون عليا رضياللهعنه ، وقيل : في أهل الإفك كما تقدم ، وقيل : في زناة كانوا يتبعون النساء وهن كارهات.
نزول الآية (٥٨):
(وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ) قال ابن عباس : أنزلت في عبد الله بن أبي وناس معه قذفوا عائشة رضياللهعنها ، فخطب النبي صلىاللهعليهوسلم وقال : «من يعذرني من رجل يؤذيني ، ويجمع في بيته من يؤذيني».