فالخلق : التقدير ، والبرء : هو التنفيذ وإبراز ما قدره وقرره إلى الوجود ، وليس كل من قدر شيئا ورتّبه ، يقدر على تنفيذه وإيجاده سوى الله عزوجل ، وهو المصوّر ، أي الموجد للصور على هيئات مختلفة ، وصفات أرادها ، كما قال : (فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ) [الانفطار ٨٢ / ٨] وله الأسماء والصفات الحسنى التي لا يماثله أحد فيها ، لعزته ، ومن عزته كان منزها عن النقائص ، أهلا للتسبيح ، ينطق بتنزيهه بلسان الحال أو المقال كل ما في السموات والأرض ، ومن حكمته أنه أمر المكلفين في السموات والأرض بأن يسبحوا له ليربحوا ، لا ليربح هو عليهم ، كما قال تعالى : (تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ ، وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ، وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) [الإسراء ١٧ / ٤٤].
وهو القوي الغالب القاهر الذي لا يغالبه مغالب ، الشديد الانتقام من أعدائه ، الحكيم في تدبير خلقه وشرعه وقدره ، وفي كل الأمور التي يقضي فيها ، فهو كامل القدرة ، كامل العلم.
وإنما قدم ذكر الخالق على البارئ ، لأن ترجيح الإرادة مقدم على تأثير القدرة ، وقدم البارئ على المصور ، لأن إيجاد الذوات مقدم على إيجاد الصفات.
وتقدم بيان أسماء الله الحسنى في الآية (١٨٠) من سورة الأعراف والآية (١١٠) من سورة الإسراء.
ويحسن ذكر الحديث المروي في الصحيحين عن أبي هريرة عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن لله تعالى تسعة وتسعين اسما ، مائة إلا واحدا ، من أحصاها دخل الجنة ، وهو وتر يحب الوتر» ورواه أيضا الترمذي وابن ماجه بالزيادة التالية ، وأذكر هنا لفظ الترمذي :
«هو الله الذي لا إله إلا هو الرحمن ، الرحيم ، الملك ، القدّوس ، السلام ، المؤمن ، المهيمن ، العزيز ، الجبّار ، المتكبّر ، الخالق ، البارئ ، المصوّر ، الغفّار ،