وأخرج أحمد والبزّار والحاكم وصححه وآخرون عن عبد الله بن الزبير قال : قدمت قتيلة بنت عبد العزى على ابنتها أسماء بنت أبي بكر بهدايا ـ صناب (١) وأقط وسمن ، وهي مشركة ، فأبت أسماء أن تقبل هديتها أو تدخلها بيتها ، حتى أرسلت إلى عائشة أن سلي عن هذا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأخبرته ، فأمرها أن تقبل هداياها وتدخلها منزلها ، فأنزل الله : (لا يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ) الآية.
المناسبة :
بعد النهي عن موالاة الكافرين ، والحث على القطيعة بالتأسي بإبراهيم ومن معه ، ثم تهوين الأمر على المؤمنين بإخبارهم أن الله قادر على تغيير أوضاع المشركين من الكفر إلى الإيمان ، رخّص الله تعالى في صلة الذين لم يقاتلوا المؤمنين من الكفار ، ولم يخرجوهم من ديارهم ، ولم يعاونوا على إخراجهم.
التفسير والبيان :
(لا يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ ، وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ ، وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ، إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) أي لا يمنعكم الله من البرّ والإحسان وفعل الخير إلى الكفار الذين سالموكم ولم يقاتلوكم في الدين كالنساء والضعفة منهم ، كصلة الرحم ، ونفع الجار ، والضيافة ، ولم يخرجوكم من دياركم ، ولا يمنعكم أيضا من أن تعدلوا فيما بينكم وبينهم ، بأداء مالهم من الحق ، كالوفاء لهم بالوعد ، وأداء الأمانة ، وإيفاء أثمان المشتريات كاملة غير منقوصة ، إن الله يحب العادلين ، ويرضى عنهم ، ويمقت الظالمين ويعاقبهم.
والمقصود بالآية أن الله سبحانه لا ينهى عن برّ أهل العهد من الكفار الذين عاهدوا المؤمنين على ترك القتال ، وعلى ألا يعينوا عليهم ، ولا ينهى عن
__________________
(١) صناب : صباغ يتخذ من الخردل والزبيب.