علينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى ختمها. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس نحوه ، قال : كان ناس من المؤمنين قبل أن يفرض الجهاد يقولون : لوددنا أن الله دلنا على أحب الأعمال إليه ، فنعمل به ، فأخبر الله نبيه أن أحب الأعمال إليه إيمان بالله لا شك فيه ، وجهاد لأهل معصيته الذين جحدوا الإيمان به ، وإقرار برسالة نبيه صلىاللهعليهوسلم ، فلما نزل الجهاد ، كره ذلك ناس من المؤمنين ، وشق عليهم أمره ، فأنزل الله الآية (١).
ويؤيد ذلك قول عبد الله بن رواحة : لو علمنا أحب الأعمال إلى الله ، لعملناه ، فلما نزل الجهاد كرهوه.
التفسير والبيان :
(سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ، وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) أي نزّه الله ومجده لعظمته وقدرته ووحدانيته وجميع صفات كماله جميع ما في السموات وما في الأرض من العقلاء وغير العقلاء ، وهو القوي الغالب القاهر فوق عباده الذي لا يغالب ، الحكيم في أفعاله وأقواله ، وفي تدبير خلقه وتصريف أمورهم وإرشادهم.
وفيه الإرشاد إلى مشروعية التسبيح في كل الأوقات ، ثم أرشد خلقه إلى فضائل الأخلاق والأعمال ، فقال :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ) أي يا أيها المؤمنون بالله ورسوله ، لأي شيء تقولون قولا وتخالفونه عملا. وهذا إنكار على من يعد وعدا ، أو يقول قولا لا يفي به ، قال ابن كثير : ولهذا استدل بهذه الآية الكريمة من ذهب من علماء السلف إلى أنه يجب الوفاء بالوعد مطلقا ، سواء ترتب عليه غرم للموعود أم لا ، واحتجوا أيضا من السنة بما ثبت في الصحيحين أن
__________________
(١) تفسير ابن كثير : ٤ / ٣٥٨