الذي جئت به سحر واضح لا شك فيه. وقيل : المراد لما جاءهم عيسى بالمعجزات ، قالوا : هذا الذي جاءنا به سحر واضح ظاهر.
ثم ذكر الله تعالى حكم المعارضين المخالفين الذين دعوا إلى الإسلام وتوحيد الله ، فقال :
ـ (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ ، وَهُوَ يُدْعى إِلَى الْإِسْلامِ ، وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) أي لا أحد أظلم ممن يفتري الكذب على الله ، ويجعل له أندادا وشركاء ، وهو يدعى إلى التوحيد والإخلاص ، والله لا يرشد للحق والصواب الكافرين الذين ظلموا أنفسهم بكفرهم بربهم ، وهؤلاء منهم.
ـ (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ ، وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ ، وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) أي إن هؤلاء الكفار يحاولون جاهدين إبطال دعوة الإسلام ، ومنع هدايته ، ومقاومة دعوته بأفواههم الكاذبة ، ومثلهم في ذلك كمثل من يريد أن يطفئ شعاع الشمس بفيه ، وكما أن هذا مستحيل ، كذلك إبطال دعوة الإسلام مستحيل ، ولهذا قال تعالى : (وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ ، وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) أي والله مظهر دين الإسلام في الآفاق ، ويعليه على غيره من الأديان ، ومؤيد رسوله محمدا صلىاللهعليهوسلم ، ولو كره الكافرون ذلك.
ـ (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ ، لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ، وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) أي إن الله عزوجل هو الذي أرسل رسوله محمدا صلىاللهعليهوسلم بالهدى الكامل ، ودين الحق الأبلج الواضح ، المتمثل بالقرآن والسنة النبوية ، ليجعله متفوقا منتصرا على جميع الأديان ، عاليا عليها ، غالبا بالمنطق والواقع لها ، ولو كره المشركون ذلك ، فإنه كائن لا محالة.
وإنما قال أولا : (وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) وهم اليهود والنصارى والمشركون ، ثم قال : (وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) لأنه ذكر أولا النور وإطفاءه ، فكان اللائق به