التفسير والبيان :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) أي يا أيها الذين صدقوا بالله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوسلم ، ألا أرشدكم إلى تجارة نافعة رابحة ، تحققون بها النجاح والنجاة من العذاب الشديد المؤلم يوم القيامة؟
وهذا أسلوب فيه ترغيب وتشويق ، وقد جعل العمل الصالح لنيل الثواب العظيم بمنزلة التجارة ، لأنهم يربحون فيه كما يربحون فيها ، وذلك بدخولهم الجنة ونجاتهم من النار ، ونوع التجارة كما بيّنت الآيتان التاليتان ، ومعناهما أن الإيمان والجهاد ثمنهما من الله الجنة ، وذلك بيع رابح ، كما قال تعالى : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) [التوبة ٩ / ١١١].
ثم بين نوع التجارة بقوله :
(تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ ، وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ) أي هي أن تدوموا على الإيمان بالله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوسلم ، وتخلصوا العمل لله ، وتجاهدوا من أجل إعلاء كلمة الله ونشر دينه بالأنفس والأموال. وقدم تعالى الأموال ، لأنها التي يبدأ بها في الإنفاق.
(ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أي ذلك المذكور من الإيمان والجهاد خير لكم وأفضل من أموالكم وأنفسكم ، ومن تجارة الدنيا والاهتمام بها وحدها ، إن كنتم من أهل العلم والوعي للمستقبل ، فإن المهم هو النتائج والغايات ، ولا يدرك تلك الغاية النبيلة أهل الجهل.
والجهاد نوعان : جهاد النفس : وهو منعها عن الشهوات ، وترك الطمع والشفقة على الخلق ورحمتهم ، وجهاد العدو : وهو مقاومة الأعداء ورد عدوانهم من أجل نشر دين الله تعالى.