واستجيبوا لله تعالى ولرسوله صلىاللهعليهوسلم ، كما استجاب الحواريون (أصفياء المسيح وخلصاؤه) لعيسى حين قال لهم : من الذي ينصرني ويعينني في الدعوة إلى الله عزوجل ، ومن منكم يتولى نصري وإعانتي فيما يقرب إلى الله ، أو من أنصاري متجها إلى نصرة الله؟
قال الحواريون : وهم أنصار المسيح وخلّص أصحابه ، وأول من آمن به ، وكانوا اثني عشر رجلا : نحن أنصار دين الله ، ومؤيدوك ومؤازروك فيما أرسلت به ، فبعثهم دعاة إلى دينه في بلاد الشام في الإسرائيليين واليونانيين.
وهكذا كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم ينادي في أيام الحج : «من رجل يؤويني حتى أبلّغ رسالة ربي ، فإن قريشا قد منعوني أن أبلّغ رسالة ربي؟» حتى قيّض الله الأوس والخزرج من أهل المدينة ، فبايعوه على نشر دينه في بلدهم.
(فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ ، وَكَفَرَتْ طائِفَةٌ) أي لما بلّغ عيسى رسالة ربه إلى قومه ، وآزره الحواريون ، اهتدت طائفة من بني إسرائيل إلى الإيمان الحق وآمنوا بعيسى على حقيقته أنه عبد الله ورسوله ، وضلّت طائفة أخرى ، وكفرت بعيسى ، وجحدوا نبوته ، واتهموه وأمه بالفاحشة ، وتغالت جماعة أخرى من أتباعه حتى رفعوه فوق ما أعطاه الله من النبوة ، فوصفوه بأنه ابن الله أو هو الله أو ثالث ثلاثة : الأب والابن وروح القدس. وصارت النصارى فرقا وأحزابا كثيرة.
(فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ ، فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ) أي فنصرنا المؤمنين على من عاداهم من فرق النصارى ، وقوّينا المحقّين منهم بالحجة والروح من عندنا على المبطلين ، فأصبحوا عالين غالبين عليهم ، كما قال تعالى : (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا) [غافر ٤٠ / ٥١].