آيات القرآن التي ترشدهم لخير الدنيا والآخرة ، ويطهرهم من دنس الكفر والذنوب وأخلاق الجاهلية ، ويعلمهم القرآن والسنة والشرائع والأحكام وحكمتها ، وإن كانوا في جاهليتهم في ضلال وخطأ واضح في العقيدة والتشريع والنظام ، إذ كانوا قديما متمسكين بدين إبراهيم الخليل عليهالسلام ، فبدّلوه وغيّروه ، واستبدلوا بالتوحيد شركا ووثنية ، وابتدعوا أشياء لم يأذن بها الله ، وكذلك أهل الكتاب قد بدّلوا كتبهم وحرّفوها ، وغيّروها وأوّلوها.
فأرسل الله تعالى رسوله محمدا صلىاللهعليهوسلم بشرع كامل شامل لجميع الخلق ، لا إلى العرب وحدهم ، فيه بيان جميع ما يحتاجون إليه من أمر معاشهم ومعادهم ، والدعوة إلى ما يقرّبهم إلى الجنة ورضا الله عنهم ، والنهي عما يقربهم إلى النار وسخط الله تعالى عليهم.
وتخصيص العرب الأميين بالذكر ، لأنه صلىاللهعليهوسلم مبعوث إليهم خاصة وإلى الناس عامة ، لقوله تعالى : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) [الأنبياء ٢١ / ١٠٧] وقوله سبحانه : (قُلْ : يا أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً) [الأعراف ٧ / ١٥٨].
(وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ ، وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) أي وبعث الله رسولا من العرب لأجيال آخرين من المؤمنين ، سواء كانوا من العرب أو من غيرهم ، كالفرس والروم ، وهم من جاء بعد الصحابة من المسلمين إلى يوم القيامة ، لم يلحقوا بهم في ذلك الوقت ، وسيلحقون بهم من بعد ، والله هو القوي الغالب القاهر ذو العزّة والسلطان ، القادر على التمكين لأمة الإسلام في الأرض ، وهو ذو الحكمة البالغة في شرعه وقدره وأفعاله وأقواله وتدبير خلقه.
روى الإمام أبو عبد الله البخاري رحمهالله تعالى عن أبي هريرة رضياللهعنه قال : «كنا جلوسا عند النبي صلىاللهعليهوسلم ، فأنزلت عليه سورة الجمعة ، فتلاها ،