قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لو فعل لأخذته الملائكة عيانا ، ولو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا ورأوا مقاعدهم من النار ، ولو خرج الذين يباهلون رسول الله صلىاللهعليهوسلم لرجعوا لا يجدون أهلا ، ولا مالا».
ثم كشف الله حقيقة أمر اليهود الماديين الذين يحبون الحياة ويكرهون الموت ، وأنهم لن يتمنوه أبدا لسوء أفعالهم ، فقال :
(وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ، وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) أي لن يتمنى اليهود الموت أبدا على الإطلاق ، بسبب ما عملوا من الكفر والمعاصي ، والتحريف والتبديل ، والله بالغ العلم ، واسع الاطلاع على أحوال الكافرين ، فيجازيهم بما عملوا. وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد. ويلاحظ أنه قال هنا : (وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً) بدون لفظ التأكيد ، وفي سورة البقرة قال : (وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً) [البقرة ٢ / ٩٥] بلفظ التأكيد ونفي المستقبل.
(قُلْ : إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ ، فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ، ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ ، فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أي قل أيها النبي لهؤلاء اليهود : إن الموت الذي تهربون منه ، وتأبون المباهلة فيه حبا في الحياة ، هو آت إليكم حتما من الجهة التي تفرون منها ، ثم ترجعون بعد موتكم إلى الله عالم الغيب في السموات والأرض ، وعالم الحس المشاهد فيهما ، فيخبركم بما أنتم عاملون من الأعمال القبيحة ، ويجازيكم عليها بما أنتم له أهل. وهذا أيضا تهديد ووعيد ، ومبالغة في الدلالة على أنه لا ينفع الفرار من الموت.
ونظير الآية قوله تعالى : (أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ ، وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ) [النساء ٤ / ٧٨].