للصلاة ، وكانت العرب تسميه (العروبة) أي الرحمة ، وأول من سماه جمعة كعب بن لؤي لاجتماع الناس فيه إليه ، وأول جمعة جمعها رسول الله صلىاللهعليهوسلم في قباء ، حينما قدم المدينة ، وصلى الجمعة في دار بني سالم بن عوف. وأول من أقام الجمعة بالمدينة قبل الهجرة أسعد بن زرارة بقرية على ميل من المدينة. قال ابن حجر : فرضت الجمعة بمكة ، ولم نقم بها لفقد العدد ، أو لأن شعارها الإظهار ، وكان صلىاللهعليهوسلم بها مستخفيا (١).
(فَاسْعَوْا) فامشوا ، وعبّر بالسعي إشارة إلى أنه يطلب من المسلم القيام للجمعة بهمّة ونشاط ، وجد وعزيمة ، لأن لفظ السعي يفيد الجد والعزم. (إِلى ذِكْرِ اللهِ) للصلاة. (وَذَرُوا الْبَيْعَ) اتركوا عقد البيع وسائر وجوه المعاملات. (ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ) أي السعي إلى ذكر الله خير لكم من المعاملة ، فإن نفع الآخرة خير وأبقى. (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) الخير والشر الحقيقيين ، فإن علمتم أنه خير فافعلوه.
(قُضِيَتِ الصَّلاةُ) أدّيت وفرغ منها. (فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ) أي فتفرقوا ، وهو أمر بعد حظر ، فيفيد الإباحة لا الوجوب ، واحتج به من جعل الأمر بعد الحظر للإباحة. (وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ) اطلبوا الرزق. (وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً) اذكروه في مجامعكم ومجالسكم ذكرا كثيرا. (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) تفوزون بخير الدارين.
(وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً) التجارة تشمل كل أنواع الكسب ، واللهو : الطبول والمزامير ونحوها. (انْفَضُّوا إِلَيْها) انصرفوا إلى التجارة ، وإلى اللهو. (وَتَرَكُوكَ قائِماً) على المنبر وأنت تخطب. (قُلْ : ما عِنْدَ اللهِ) من الثواب. (خَيْرٌ) للذين آمنوا من اللهو ومن التجارة ، لأن ثواب الله محقّق مخلّد ، بخلاف ما يتوهم من نفع اللهو والتجارة. (وَاللهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) فتوكلوا عليه واطلبوا الرزق منه ، فكل ما ييسر الله للإنسان من رزق عائلته هو من رزق الله تعالى.
سبب النزول :
نزول الآية (١١):
(وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً ..) : أخرج أحمد والشيخان (البخاري ومسلم) والترمذي عن جابر قال : كان النبي صلىاللهعليهوسلم يخطب يوم الجمعة إذ أقبلت عير (٢) قد
__________________
(١) تفسير الألوسي : ٢٨ / ١٠٠
(٢) العير : الإبل المحملة طعاما من دقيق وبرّ وزيت.