وتأول الحنفية والحنابلة قوله تعالى : (فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَ) أن المعنى لاستقبال عدتهن ، لا في عدتهن ، إذ من المحال أن يكون الطلاق وهو سبب العدة واقعا في العدة ، والذي يستقبل إنما هو الحيض لا الطهر.
لكن المعروف أن اللام إذا دخلت الوقت أفادت معنى التأقيت والاختصاص بذلك الوقت ، فيكون المعنى : فطلقوهن للوقت الذي يشرعن فيه في العدة على الاتصال بالطلاق.
ثم أمر الله تعالى بضبط العدة وإحصاء وقتها ، فقال :
(وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ) أي احفظوها واعرفوا ابتداءها وانتهاءها ، لتكون عدة كاملة ، وهي ثلاثة قروء تامة ، والخطاب للأزواج. وضبط العدة واجب لإجزاء أحكامها فيها من تحديد حق الرجعة للزوج والإشهاد عليها ، ونفقة الزوجة وسكناها ، وعدم خروجها من بيتها قبل انقضائها.
(وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ) فلا تعصوه فيما أمركم ، ولا تضارّوهن بتطويل العدة على المرأة ، فتمتنع من الأزواج.
(لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ) أي لا تخرجوا المطلقات من بيوتهن في مدة العدة ، فلكل امرأة معتدة حق السكنى على الزوج ، ما دامت معتدة منه ، فليس للرجل أن يخرجها ، ولا يجوز لها أيضا الخروج ، فليس للمعتدات الزوجات الخروج من تلك البيوت ما دمن في العدة إلا لأمر ضروري ، رعاية لحق الزوج ، فإذا خرجت المعتدة لغير ضرورة ليلا أو نهارا ، كان الخروج حراما.
وفيه دليل على وجوب السكنى للزوجات المطلقات أو المعتدات ما دمن في العدة ، وأضاف البيوت إليهن ، وهي لأزواجهن لتأكيد النهي عن الإخراج والخروج ، ببيان كمال استحقاقهن للسكنى ، كأنها ملك لهن.