ولهذا أجمع المفسرون على أن المراد بهذه الآية معية علمه تعالى ، ولا شك في إرادة ذلك.
ومع علم الله وسمعه وبصره بكل شيء ، هو سبحانه وتعالى مطلع على جميع أمور خلقه ، كما قال : (ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ ، إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) أي ثم يخبر الله عباده المتناجين وغيرهم بجميع أعمالهم يوم القيامة ، ليعلموا أن الله عالم بهم ، وليكون إعلامه لمن يتناجون بالسوء والمكر توبيخا لهم وتكبيتا ، وإلزاما للحجة ، والله تعالى واسع العلم بكل الأشياء والأعمال ، لا تخفى عليه خافية من الأمور ، ويجازيهم عليها.
قال الإمام أحمد : افتتح الآية بالعلم ، واختتمها بالعلم.
فقه الحياة أو الأحكام :
يستنبط من الآيات ما يأتي :
١ ـ إن كل من خالف شرع الله أو عاداه ، أو تجاوز حدوده ، له الخزي والذل والهوان في الدنيا ، والعذاب المهين في الآخرة. وهذا بشارة من الله تعالى للمؤمنين بالنصر ، ووعيد وإنذار للكافرين بالعقاب الشديد.
٢ ـ يوم يبعث الله الرجال والنساء من أول عمر الدنيا إلى آخرها ، من قبورهم في حالة واحدة ، يخبرهم بما عملوا في الدنيا ، وقد أحصاه الله عليهم في صحائف أعمالهم ، بالرغم من نسيانهم له ، ليكون أبلغ في الحجة عليهم ، والله مطّلع وناظر لا يخفى عليه شيء.
٣ ـ لا يخفى على الله سر ولا علانية في السموات والأرض ، فكل ما يكون من تناجي أو سرار اثنين أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة أو أقل أو أكثر من ذلك العدد ، يعلم به الله ويسمع نجواهم ، كما دل عليه افتتاح الآية : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ..)