الندم بالقلب على ما مضى من الذنب ، والاستغفار باللسان ، والإقلاع بالبدن ، والعزم على ألا يعود ، لعل الله أن يمحو سيئات أعمالكم التي اقترفتموها ، ويدخلكم بساتين تجري من تحت قصورها وأشجارها الأنهار ، حين لا يعذب ولا يذل ولا يفضح الله نبيه محمدا صلىاللهعليهوسلم ، ولا يعذب ولا يذل الذين آمنوا به واتبعوا شريعته ، بل يكرمهم ويعزّهم.
وكلمة (عَسى رَبُّكُمْ) كما قال الزمخشري : إطماع من الله لعباده ، وفيه وجهان : أحدهما ـ أن يكون على ما جرت به عادة الجبابرة من الإجابة لعسى ولعل ، ووقوع ذلك منهم موقع القطع والبت ، فإنهم إذا أرادوا فعلا يقولون : عسى أن نفعل كذا. والثاني ـ أن يجيء به تعليما للعباد أن يكونوا بين الخوف والرجاء.
والخلاصة : أن (عَسى) من الله موجبة تفيد التحقق.
وقوله : (لا يُخْزِي) تعريض لمن أخزاهم من أهل النار : (رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ ، فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ) [آل عمران ٣ / ١٩٢].
قال العلماء : التوبة النصوح : هو أن يقلع عن الذنب في الحاضر ، ويندم على ما سلف منه في الماضي ، ويعزم على ألا يفعل في المستقبل.
روى الإمام أحمد وابن ماجه عن عبد الله بن مسعود قال : سمعت النبي صلىاللهعليهوسلم يقول : «الندم توبة». وثبت في الصحيح : «الإسلام يجبّ ما قبله ، والتوبة تجبّ ما قبلها».
ثم ذكر الله تعالى أثر الإيمان ، فقال :
(نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ ، يَقُولُونَ : رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا وَاغْفِرْ لَنا ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) أي إن نور المؤمنين يضيء لهم طريقهم ، ويسعى