وقال ابن جرير : كانت امرأة فرعون تعذب في الشمس ، فإذا انصرف عنها أظلتها الملائكة بأجنحتها ، وكانت ترى بيتها في الجنة.
والآية دليل على صدق إيمان امرأة فرعون بالله وبالبعث ، وبالجنة والنار ، وبأن العمل الصالح طريق الجنة ، والعمل السيء سبب النار. وهي دليل آخر على أن الاستعاذة بالله من الأشرار دأب الصالحين.
وقال عن المرأة الثانية :
(وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها ، فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا ، وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وَكُتُبِهِ ، وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ) أي وضرب الله مثلا للذين آمنوا مريم ابنة عمران أم عيسى عليهماالسلام ، جمع الله لها بين كرامة الدنيا والآخرة ، واصطفاها على نساء العالمين في عصرها ، مع كونها بين قوم عصاة ، صانت فرجها عن الرجال والفواحش ، فهي مثال العفة والطهر ، فأمر الله جبريل أن ينفخ في فرجها ، وقال بعض المفسرين وهو من بدعهم : في جيب الدرع (القميص) فحملت بعيسى ، وصدّقت بشرائع الله التي شرعها لعباده ، وبصحفه التي أنزلها على إدريس وغيره ، وبكتبه الكتب الأربعة الكبرى المنزلة على الأنبياء ، وما خاطبها به الملك ، وهو قول جبريل لها : (إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ) [مريم ١٩ / ١٩] ، وما أخبرها به من البشارة بعيسى وكونه من المقرّبين كما في سورتي آل عمران (الآيات ٤٢ ـ ٤٨) ومريم (الآيات ١٦ ـ ٣٦) وكانت من القوم المطيعين لربهم ، كان أهلها أهل بيت صلاح وطاعة ، ومن عداد الناسكين العابدين المخبتين لربهم.
روى أحمد عن ابن عباس قال : «خطّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم في الأرض أربعة خطوط ، وقال : أتدرون ما هذا؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أفضل نساء أهل الجنة : خديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد ، ومريم ابنة عمران ، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون».