التفسير والبيان :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ ، فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ) أي يا أيها المصدقون بالله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوسلم ، إذا طلب منكم التوسع في الأماكن والمجالس ، وعدم التضايق فيها ، سواء مجالس النبي أو مواضع القتال ، فليفسح بعضكم لبعض ، وليوسع أحدكم للآخر ، يوسع الله لكم في الجنة ، أي إن الجزاء من جنس العمل.
والآية عامة في كل مجلس ، اجتمع فيه المسلمون للخير والأجر ، سواء كان مجلس حرب أو ذكر وعلم ، أو يوم جمعة أو عيد ، وكل واحد أحق بمكانه الذي يسبق إليه ، ولكن يوسع لأخيه. جاء في الحديث الثابت عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «لا يقم الرجل الرجل من مجلسه ، ثم يجلس فيه ، ولكن تفسحوا وتوسعوا» (١).
قال : الرازي : (يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ) : هو مطلق في كل ما يطلب الناس الفسحة فيه ، من المكان والرزق والصدر والقبر والجنة.
والآية دلت على أن كل من وسع على عباد الله أبواب الخير والراحة ، وسع الله عليه خيرات الدنيا والآخرة ، ولا ينبغي للشخص أن يقيد الآية بالتفسح في المجلس ، بل المراد منه إيصال الخير إلى المسلم ، وإدخال السرور في قلبه ، لذا قال صلىاللهعليهوسلم : «ومن يسّر على معسر يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة ، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه» (٢).
__________________
(١) رواه مالك والشافعي وأحمد والترمذي وابن أبي حاتم عن ابن عمر رضياللهعنهما ، وأخرجه الشيخان في الصحيحين.
(٢) تفسير الرازي : ٢٩ / ٢٦٩ ، والحديث أخرجه مسلم عن أبي هريرة.