والمنافقون ، وأخبرت بأن الله يعلم سر الحديث الدائر بين اثنين فأكثر ، وفضحت خبث اليهود ومكرهم وخداعهم حينما كانوا يحيون رسول الله صلىاللهعليهوسلم بتحية ظاهرها السلام ، وباطنها الأذى والسب ، قائلين : السام عليك يا محمد ، أي الموت (الآيات : ٧ ـ ١٠).
وأردفت ذلك ببيان أدب التفسح في المجالس ، وطلب مغادرتها ، وأشادت بالمؤمنين الذين يمتثلون أوامر الله وأوامر رسوله ، وامتدحت العلماء منهم خاصة ، وأوجبت تقديم الصدقة عند مناجاة النبي صلىاللهعليهوسلم ، ثم رفعت الحكم تخفيفا على المؤمنين وتيسير لقاء نبيهم ، وجعلت محله الاشتغال بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وإطاعة الله ورسوله (الآيات : ١١ ـ ١٣).
ثم أبانت مخازي المنافقين الذين يوالون اليهود ويحبونهم ، ويفشون أسرار المؤمنين لهم ، ويحلفون الأيمان الكاذبة ، ويعادون الله تعالى والرسول صلىاللهعليهوسلم ، ويخالفون أمرهما ، فهم مخذولون مهزومون ، والمؤمنون أعزة منصورون (الآيات : ١٤ ـ ٢١).
وختمت السورة الكريمة بأمر المؤمنين بتجنب الخونة الذين يوالون أعداء الأمة ولو كانوا أقرب الناس إليهم ، وينافقون ويتذبذبون بين هؤلاء وهؤلاء ، لإضعاف كيان أمتهم وتفريق جمعهم ، أما الأمة المتماسكة المتحابّة ، فهي أمة الإيمان الحق ، وأهل الجنة خالدين فيها أبدا.
والتفريق بين الموقفين : موقف الإيمان وموقف الكفر والنفاق يبين أن الحب ينبغي أن يكون لله ، والبغض لله ، وأن اكتمال الإيمان يتطلب معاداة أعداء الله (الآية : ٢٢).